محمد عبده “سلطن”
القيثارة نوال “حليانة”
مطرف المطرف “ذكي”
فالح العنزي
رغم بعض الأصوات البرلمانية، التي تعالت ودفعت نحو إيقاف حفلات فبراير الغنائية تضامنا مع الشعب الفلسطيني في غزة وما يتعرض له من إبادة جماعية وجرائم يرتكبها الكيان الصهيوني، إلا أن قرار عودة الحفلات والاحتفالات كان قد حسم ودخل حيز التشغيل، خصوصا وأن هذا التوقيت يختص بمناسبتين الأولى انتهاء إعلان فترة الحداد الرسمية على وفاة الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، والثانية احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية والتحرير في فبراير، ومع عودة الحفلات وكما كان متوقعا زحف الجمهور الكويتي والخليجي نحو قاعة “أرينا الكويت”، خلال يومي الخميس والجمعة، ولسان حال هذا الجمهور المتعطش لمظاهر الفرح يقول “ولكم ملينا من حالة الحزن”، في تحد كانت فيه الكلمة الفصل في إقامة حفلات مهرجان “فبراير الكويت” بالتعاون المشترك بين الجهة المنظمة شركة روتانا للصوتيات والمرئيات وتلفزيون الكويت.
ودشن “فنان العرب” محمد عبده، باكورة الحفلات الغنائية في “فبراير 2024″، واعقبه مشاركة الفنانة نوال الكويتية ومطرف المطرف في ثاني الحفلات، بينما ينتظر الجمهور الخليجي في القادم من الأيام حفلات تضم عبدالله الرويشد ونبيل شعيل وماجد المهندس وأنغام وفؤاد عبدالواحد وأصالة وأحمد سعد وغيرهم، وأثبت الجمهور المحب لمتابعة “فنان العرب” بأنه يتبعه أينما حل وارتحل، لذا لم يكن غريبا أن تغص قاعة الأرينا بالعدد الكامل دون وجود كرسي شاغر، ليؤكد الجمهور الكويتي بأنه يبحث عن مظاهر الفرح والاحتفال وأن يكون جزءا من الأفراح والليالي الملاح التي تشهدها منطقة الخليج.
“باركي يا كويت”
دشن الفنان محمد عبده، حفله الغنائي باختيارات موفقة جدا فالعلاقة التي تجمع الجمهور الكويتي مع عبده، تمتد الى ستينات وسبعينات القرن الماضي ومثلما يقول الفنان السعودي “الأماكن كلها مشتاقة لك”، أكد الجمهور بأنه فعلا متعطش لحضور حفل يحييه فنان بقامة ومكانة المطرب السعودي الكبير، الذي يذكر دائما في مقابلاته بأن غالبية الجمهور الذي يحضر حفلاته التي يحييها في مختلف العواصم العربية والأجنبية هم من الكويتيين، ومعروف عن “أبو نورة” في كافة الحفلات الغنائية التي يحييها “ما شاء الله” يقف فيها بكل عنفوان شامخا لأكثر من أربع ساعات يتنقل خلالها بين بساتين إرثه الكبير وأعماله الخالدة، لكنه في حفلة فبراير الكويت 2024، كان بمزاج عال وفرد عضلاته في أكثر من موال وأغنية خلافا لـ “عادته”، حيث لم نعتد منه اظهار امكانياته، لكنه هذه المرة “سلطن وأطرب” الجمهور، الذي وقف يحييه أكثر من مرة وهي سابقة لم تحدث من قبل بأن يقاطع الجمهور المطرب ويقف له احتراما ومصفقا.
وافتتح عبده، الحفل بأغنية وطنية إهداء منه لدولة الكويت وشعبها بعنوان “باركي يا كويت”، وقدم خلال الأمسية مجموعة من أشهر أغنياته الحديثة، أبرزها “البرواز”، و”الهوى الغايب”، وعندما عاد بشريط ذكرياته إلى القديم واختار منه “مهما يقولون” و”على البال”، فتفاجأ بأن الجمهور متعطش لهذه الأعمال التي التصقت في الذاكرة ولن يسقطها مرور السنوات.
“صغرانة وملهوفة”
ثاني حفلات فبراير الكويت كانت مختلفة صوتا ومضمونا وصورة، وسبب هذه الصورة المغايرة هي نجمة الحفل بلا منازع “القيثارة” نوال، التي لطالما حضرت لها الكثير من حفلات أحيتها في مناسبات مختلفة حافظت فيها “أم حنين” على الصورة الكلاسيكية لها، على عكس حفلها الغنائي الذي أحيته في فبراير 2024، حيث ظهرت نوال بـ”نيولوك” أظهرها شكلا أصغر من عمرها، شابة كأنها سمعت خبرا أسعدها قبل أن تعتلي المسرح، عيونها وهي تسيح بها نحو زوايا القاعة، كأنها تريد أن تخبر الجمهور بأنها سعيدة وملهوفة، نوال غنت وسلطنت واطربت وتمايلت وابتسمت ونثرت قبلاتها على الجمهور وصوتها يدوي في “أرينا”: “والله أحبكم وأموت عليكم”.
في هذه الليلة كانت نوال استثنائية كلمة وقولا وفعلا وصورة ومضمونا، عزفت كل أنواع الحب وانتقت اغنياتها العاطفية التي لامست شغاف القلوب، كم من فرد أدمى مشاعره إحساس نوال، وهي تشدو “مشتاق لك، نسيت اسمك، لا تعاتب، خذاني الشوق، المسباح، تبغى الصدق، مثل النسيم، كل البشر، شمس وقمر، نجوم الليل، حبيت حبيت، ترا الليل، إن حكوا، تسألني سؤال، إنت طيب، لولا المحبة”، ثم غادرت نوال، المسرح وهي تلوح بيدها لكل فرد جاء وتعنى من أجل حضور حفلها، وشكرت الجميع طالبة “مسامحتها” في حال لم يسعفها الوقت في تلبية طلبات الجمهور الذي “يغني على ليلاه”، نوال لم تبخل في تلبية نداء جاءها من آخر القاعة لمراهقة تصرخ “انت طيب” فكان لها ما تريد أو شاب ظل يكرر باستمرار “المسباح”، ففاجأته نوال: “حاضر من عيوني وأظهرت بيدها مسباحا ذكرت بأن أحد جمهورها قدمه لها هدية في حفلها الأخير بالعلا، ووعدته في كل حفلاتها سيكون مصاحبا لها لانه يحمل اسم الكويت”.
علامة كاملة
لا يختلف اثنان على أن المغني الشاب مطرف المطرف، يستحق كل الاحتضان الذي تبديه شركة “روتانا” تجاهه فهو بلا مجاملة ربما يعتبر أول صوت شاب في منطقة الخليج يترأس قائمة أبناء جيله من المغنين وأن الدعم اللوجيستي، الذي تقدمه “روتانا” بوجود اسمه في كافة المهرجانات الغنائية التي تنظمها في الخليج يعود عليها بالكسب المادي كونه مطربا جاهزا ومتكاملا وينتهج لنفسه هوية خاصة تتقاطع في الكثير من المحطات مع والده المطرب الراحل يوسف المطرف، لكن الجميل في مطرف الشبل، أنه سجل نجاحات في أعمال مختلفة حملت توقيعه شخصيا، ليؤكد بأنه ورث الموهبة عن والده، لكنه أثبت استحقاقه العلامة الكاملة لتقديمه نفسه مطربا شابا مجتهدا “فاهم موسيقى ومثقفا”، يحسب لمطرف، حسن معرفته بذائقة الجمهور التي تختلف بين فرد وآخر، فالاختلاف يحدث في كل شيء الا في الاندماج مع صوته وهو يغني.
مطرف في ثاني حفلات فبراير الكويت 2024، كان ذكيا وعرف طبيعة جمهوره، الذي اكتفى بالاستماع لما يمليه عليه المطرب الذكي واللماح، اختار المطرف، في وصلته الغنائية التي سبقت وصلة نوال الكويتية، مجموعة من الاغنيات منها مصاحبة مع العود مثل “نور العين” في حين اختار من أعماله القديمة اغنيات “خلوه يعرف” و”بت متيم” و”أنا واقف” و”كسرت بخاطري” و”كيف يحلى السهر”، و”لو راح الأمل” وغيرها.
لقطات
محمد عبده ونوال اختارا أن تكون بداية ونهاية وصلتيهما أغنية وطنية.
وصلة عبده كالعادة تفصلها نصف ساعة، عاد بعدها “فنان العرب” مرتديا دشداشة مختلفة.
ظهرت نوال، أكثر رشاقة ومبتسمة والسعادة تعلو ملامح وجهها.
أبدت أم حنين، أكثر من مرة ملاحظتها وانزعاجها من هندسة الصوت لكنها استمرت في الغناء.
لم تفوت نوال، فرصة تقديم شكرها لمغنية الأوبرا أماني الحجي، التي كانت حاضرة وقالت نوال بأنها كانت تتدرب تحت إشرافها.
تم استدعاء رجال الداخلية للتصرف مع شخص من الجمهور تم اكتشاف تدخينه للسيجارة الالكترونية.
تعاطفت أم حنين، مع صراخ طفل طالبها بأغنية “يا تاعبني”، وردت عليه: “اسم الله عليك منو اللي متعبك”.