ضمن فعاليات نادي السينما «ميزانسين» في منصة الفن المعاصر «كاب» قُدِمت، السبت الماضي، مناقشة لفيلم «قصيدة لمياء»، بحضور مخرج الفيلم العالمي ألكسندر كرونمر، الذي شارك في النقاش عبر تطبيق «Zoom» من واشنطن، بينما أدارت المناقشة الناقدة السينمائية هالة سامي.
في البداية، قدمت هالة تفاصيل ثرية عن الفيلم وأبعاده الفنية، حيث قامت بترجمة التساؤلات والإجابات بين المخرج ومرتادي النشاط، ما سهل تواصل الأفكار وثراء النقاش بشكل كبير.
أثناء المناقشة، تطرق المخرج كرونمر إلى رسالته الإنسانية العميقة التي يسعى لنشرها من خلال أفلامه، حيث أشار إلى أن الهدف الرئيسي في أعماله هو نشر رسالة السلام والتسامح والمحبة، مؤكداً أن من أبرز أولوياته هو تقديم صورة حقيقية وصحيحة للإسلام، خصوصاً في الدول الغربية، كما أشار إلى أن السينما يمكن أن تكون أداة فعّالة لتغيير المفاهيم المغلوطة وتعزيز الفهم الصحيح للدين الإسلامي.
كما تحدّث كرونمر عن الجوانب الفنية والرمزية في فيلم «قصيدة لمياء»، الذي استطاع من خلاله أن يجمع بين ثلاثة مسارات رئيسية. أولاها، قصة اللاجئة السورية الصغيرة «لمياء» التي تبلغ من العمر 12 عاماً، والتي تمثل معاناة العديد من الأطفال السوريين النازحين جراء الحروب.
ثانياً، ربط الفيلم بين معاناة لمياء وحياة جلال الدين الرومي، الفيلسوف والشاعر الذي عاش منذ أكثر من 800 عام وعانى بدوره من الحروب والنزوح.
ثالثاً، استحضار صورة التواصل بين الشخصيتين عبر الأحلام وعبر كتابه، حيث جمع المسار الثالث بين الزمان والمكان ليخلق نقطة التقاء بين الحاضر والماضي، بين معاناة اليوم وحكمة الماضي. ذلك الكتاب الذي كان بمثابة «البوابة السحرية» التي دخلت من خلالها لمياء إلى عالمه الروحي، ليؤثر في شخصيتها ويمنحها التحفيز والإلهام من عصر آخر، حيث نقلت إليها أبيات شعره حكمته العميقة وأعطاها القوة لمواجهة تحديات حياتها.
وشمل الحوار أيضاً مداخلة من زوجة المخرج لبنى إسماعيل، التي شاركت تفاصيل كواليس إنتاج الفيلم، لاسيما التحديات التي واجهها الفريق أثناء إعداد الفيلم خلال جائحة كورونا.
وأضافت لبنى، لمسة من الدفء والفكاهة على الجلسة، ما أتاح للجمهور لمحة عن الديناميكيات الشخصية والمهنية التي ساهمت في تشكيل الفيلم.
كما تحدثت عن الإبداع والمرونة التي كانت ضرورية لإحياء الفيلم في تلك الظروف الصعبة، وكان حضورها الحي والمفعم بالحيوية عنصراً مهماً في إثراء النقاش.
في غضون ذلك، أبدى الحضور سعادة بالغة للتواصل مع المخرج كرونمر، حيث أعربوا عن تقديرهم للإجابة عن تساؤلاتهم وتوضيح الأبعاد الفنية للفيلم.
ومن بين الحضور، كانت هناك مجموعة من الأطفال الذين أثار الفيلم لديهم الفضول لمعرفة تفاصيل أكثر حول القصص الإنسانية التي يعرضها، لاسيما قصص اللاجئين والأحلام التي تربط بين العصور المختلفة.
كما حضر الفعالية مجموعة من الكُتّاب والإعلاميين المهتمين بالفن السابع، إضافة إلى العديد من عشاق السينما الشغوفين بالمجال، ما أضفى على اللقاء طابعاً حيوياً ونقاشاً مثمراً.
وأشاد الحضور بالفيلم وبالأسلوب الإبداعي لكرونمر، مشيرين إلى قوة السرد وعمق الشخصيات التي جعلت من «قصيدة لمياء» تجربة سينمائية مميزة، معبّرين عن إعجابهم بجماليات الفيلم والرسائل التي حملها، والتي تتراوح بين الذاتية والكونية في آن واحد. كما أبدى العديد من الحضور رغبتهم في رؤية المزيد من الأفلام المبدعة والمشاركة في لقاءات أخرى مشابهة، مؤكدين على أهمية هذه الفعاليات في تعزيز الثقافة السينمائية وتشجيع الحوار بين الجمهور والمبدعين.
وفي ختام الفعالية، قدّم الحضور مزيداً من الشكر والتقدير لمنصة الفن المعاصر «كاب» والقائمين على نشاط نادي السينما «ميزانسين» على إتاحة مثل هذه الفرص القيّمة والعظيمة، خصوصاً للكاتب والناقد إبراهيم فرغلي، والكاتب والناقد وليد الزهيري، وللناقدة السينمائية هالة سامي، الذين كان لهم دور كبير في تنظيم وتسهيل هذا اللقاء المميز.
يُذكر أن الفعالية تأتي في إطار حرص نادي السينما «ميزانسين» على تقديم تجربة سينمائية غنية للمجتمع الكويتي، وتعزيز الحوار بين المبدعين والجمهور، بما يُساهم في تطوير الذائقة السينمائية وتعميق الفهم للفن السابع.