الفرج: عشنا عصراً ذهبياً وكنا محاطين باهتمام على أعلى مستوى

شخصية الدورة 23 من مهرجان الكويت يروي لقاءه مع “أبو الدستور”

مساعد الزامل فاجأ “بوبدر” بإطلاق اسمه على مسرح الدسمة

فالح العنزي

حوار مفتوح من القلب الى القلب وجلسة نقاشية لم تخل من المفاجآت استضاف خلالها المركز الإعلامي بمهرجان الكويت المسرحي الـ 23 “شخصية المهرجان” الفنان الكبير سعد الفرج، بحضور الأمين المساعد لقطاع الفنون رئيس المهرجان مساعد الزامل، الذي زف مفاجأة أثلجت صدر “بو بدر”، عندما أعلن عن تسمية مسرح الدسمة باسم مسرح سعد الفرج، الجلسة تمت تحت إدارة وإشراف د.نورية الرومي ود.محمد مبارك بلال.
بداية قال الزامل: كم يشعر الإنسان بالفخر والاعتزاز والانفعال العاطفي الكبير حين يجلس التلميذ بين أساتذته، وأنا اليوم سعيد جدا، لأن المتحدثين جميعا أساتذتي في الفن والنقد، حتى أصبحنا نملك ايقاعا في الحياة اليومية أو في الابداع والفن، وهم الأساس الذي منحنا الطموح حتى نقدم شيئا لبلدنا الكويت.
وأوضح الزامل، أن اليوم هو فرصة رائعة لنرى الفنان سعد الفرج، في عيون الأساتذة الدكتورة نورية الرومي والدكتور محمد بلال.
وفِي كلمتها قالت د.نورية الرومي: أشكر المجلس الوطني للفنون والآداب على اختيار وتكريم “شخصية المهرجان” الفنان سعد الفرج، واتاحة الفرصة للتحدث عن هذا الفنان العملاق، الذي لا تكفيه كلمات أو وقت، ولكن كتابي “البطل المثقف” يتحدث عن جانب من إبداعات الفنان سعد الفرج، وغيرها من الكتابات وأنا أراه أديبا من الدرجة الأولى مثل “بس يا بحر” وغيره من النصوص المسرحية، فهو إنسان مختلف ومثقف في كتاباته وفِي إبداعه وفِي معالجته، لانه مهموم بالإنسان والوطن من اتجاهات واقعية ورومانسية نتيجة حبه وعشقه للوطن واتجاهات نفسية تعكس آلامه لعدم تحقيق طموحه تجاه الوطن وتعديله.

“عشت وشفت”
وأشارت الرومي، الى أن نشأته بقرية الفنطاس، التي تمتع وتشبع فيها بالبيئة المنحصرة بين الأرض والماء وتعليمه الأهلي ثم تعليمه بالخارج ومن خلال هذه التقابلات تفجرت موهبته في مسرحية “عشت وشفت”، والتي عكست صراع الأجيال الموجود داخل نفسه من خلال حديثه عن الماضي والحاضر ومعايشته للفترة قبل وبعد اكتشاف النفط، والتي حققت نقلة هائلة في المجتمع الكويتي، ونجاح هذه المسرحية جعلها تعيش الى الآن في وجدان وأفئدة الجمهور مع لهجة أهل الفنطاس العامية على أنغام الفن السامري خلال المسرحية، التي تغنى فيها بالأرض والزراعة التي نبت فيها ونبتت فيه بخصوبة وإبداع وجماليات.
وأكدت أن أعمال الفرج، تثير دائما قلق الرقابة، لانه يتحلى بالجرأة والشجاعة لمناقشة قضايا وطنه، حتى تدخل سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، للتصريح بعرض أعماله التي حظرتها الرقابة، لان معالجاته الفنية في نصوصه الروائية والمسرحية تدعو للإصلاح باعتباره مثقفا إصلاحيا وطنيا محبا لأرضه، ولذلك تتشرف جامعة الكويت بأن تحتفي بالفرج، في يوم الأديب الكويتي، بحضور وزير التربية عادل العدواني ومدير الجامعة غدا الأربعاء الساعة 6 مساء في مركز المؤتمرات جامعة الشدادية.
وفِي تعقيبه قال الزامل: ان الفرج أبدع في “عشت وشفت” وأبدع ابنه مجبل، في إخراج فيلمه التسجيلي، الذي تم عرضه في حفل افتتاح المهرجان، كما ان تكريم وزير التربية وجامعة الكويت للفنان الفرج، هو تناغم كبير بين مؤسسات الدولة من أجل الاحتفاء بمثل هذه القامات الوطنية.
وفِي كلمته قال العميد الأسبق للمعهد العالي للفنون المسرحية د.محمد مبارك بلال: أشكر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وأتمنى ان تستمر هذه المسيرة من أجل إثراء المشهد الثقافي بالكويت، فعندما نتحدث عن سعد الفرج، يتبادر الى ذهننا تسمية ارتبطت به وهو “الرائد الأول للمسرح في الكويت” والتي ارتبطت بالفنان الراحل محمد النشمي أيضا، وحمد الرجيب الرائد الأول للثقافة والمسرح بالكويت بشكل عام، أما الفرج فهو الرائد الأول بالمسرح الحديث في فترة الستينات، وقد التحق بفرقة المسرح الشعبي في الخمسينيات، حين عمل مع محمد النشمي ثم انتقل للعمل مع زكي طليمات.
وأضاف بلال: يميز سعد الفرج، انه حينما بدأ مع مسرحية “عشت وشفت” العام 1964، قدم فكرا ووجهة نظر حول قضايا الإنسان في الكويت ثم ظل ملازما للقضايا الاجتماعية والشعبية مهموما بها حتى آخر أعماله، التي استشرف من خلالها المستقبل كأحد أسس التطور التي تقوم عليها المجتمعات، حيث كان الفرج يرى المستقبل ويحذر من عواقب تنتظر الإنسان، وفِي مسرحية “عشت وشفت” استشرف قضية التعليم بشكل عام وتعليم المرأة على وجه الخصوص، قبل سنوات من الانتباه الى هذه القضايا.
وقال بلال: الفرج حين تحدث في مشهد عبثي عن الانتحار في البئر خلال أحد مشاهد مسرحيته “عشت وشفت”، فقد أشار الى يأسه من رتابة الحياة حين تحدث عن الزراعة التي يعمل خلالها بزراعة محصول شتوي وآخر صيفي، وهو كان شعور يعيش داخله وتحدث عنه في حياته حين شعر بالملل من الحياة في القرية بالفنطاس ما دفعه الى الانتقال لمدينة الكويت ومن هنا بدأت مسيرته التي أعلنت عن ميلاد مسيرة روائي كبير.

“حامي الديار”
وتابع بلال: بعدها حذر الفرج، في رؤية استشرافية أخرى لمستقبل بعيد جدا حين قدم العام 1966مسرحية “الكويت سنة 2000” وهي مسرحية لا نستطيع أن نتجاوزها ببساطة، وقد حذر في نهايتها من ايجاد بديل آخر للنفط كثروة وطنية، وهو عمل ذو رؤية اقتصادية خطيرة وأساسية نتحدث عنها حتى اليوم ولكنه كان سابقا لزمانه، كما أنها المسرحية الأولى بالكويت، التي ظهرت فيها شخصية الراوي، من خلال دور الفنان خالد النفيسي، حين يقول “دقي يا ساعة دقي”، والتي كانت تحمل إشارات عن خطورة الوقت والزمن، وفِي الثمانينات قدم الفرج، المسرحيات السياسية ولكن بدون شعارات بل نوع من المسرح يتجاوز الكويت والخليج، والتي غيرت شكل المسرح التقليدي في الكويت، صانعا لوحات مسرحية ومشهدية تاريخية”.
وعقب الزامل على كلمة بلال، قائلا: أتذكر حين كنّا نشاهد مسرحية “حامي الديار” والتي عرضت بأسلوب كوميدي نقدا لاذعا للحكومة وأعضاء مجلس الأمة لسياسات الدولة، التي رأى فيها الفرج، تراجعا للخلف وليس تقدما للأمام.
وفِي كلمته قال الفنان الكبير سعد الفرج: كانت الدولة ترعى الفنون وكان المسرح المدرسي هو الراعي الأول للمسرح الذي تربيت عليه منذ المدرسة، وسنة 1964أرسل لي سمو الأمير الراحل عبدالله السالم “أبو الدستور”، وسألني ماذا تعلمتم من زكي طليمات؟، فقد عشنا عصرا ذهبيا لاحترام الفن والفنانين ولذلك خرج الفرج وغيره الكثير من الفنانين، لأننا كنّا محاطين باهتمام على أعلى المستويات، أما الآن فإن “كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم”، مضيفا انه في العام 1965 قرر ان لا يكتب للمسرح بعد الاستهانة بمسرحية “الكويت سنة 2000” من الفنانين على خشبة المسرح، وحتى منتصف السبعينات وهنا كتب مسرحية “بني صامت” بعد عودتي من أميركا للدراسة، ثم كتبت “ضحية بيت العز” و”على هامان يا فرعون”، وغيرها من الأعمال قبل الغزو.

مد وجزر
وأضاف الفرج: مسرحية “عشت وشفت” هي وقود سعد الفرج، حتى يومنا هذا، وان حمد الرجيب قال عندما شاهدها: “اليوم ولد المسرح الكويتي” وهي العبارة التي كلما أتذكرها أبكي، وقد تم ترجمتها إلى الانكليزية وتم عرضها في أوروبا، ولذلك “كنت محظوظا الى حد كبير لاننا صعدنا في عصر ذهبي وتشجيع ودعم من كل اتجاه وهو ما يحتاجه المسرح الكويتي بعد فترة جزر طويلة نتمنى أن يعود بعدها المد”.
وعقب الزامل، قائلا: “نقل الصورة الحقيقية للمجتمع عبر نصوصك، تكشف عن مسرحي صانع للحالة المسرحية في دولة الكويت”.
وكشف الزامل، ان هناك اجراءات لتحويل مسرح الدسمة الى تسميته بمسرح الفنان سعد الفرج، خصوصا انه أول مسرح احتضن أعمال الفرج، التي غيرت وجه المسرح الكويتي، كما أكد الأخذ بتوصيات الفنان سعد الفرج، في عودة المسرح المدرسي، مؤكدا انه تم الاتفاق مع وزارة التربية لتدريب وتأهيل معلمي المسرح بالمدارس في خطوة نحو عودة المسرح المدرسي مرة أخرى.
وطالب الفرج، بوجود فرقة مسرح تابعة للمجلس الوطني، وهو ما أجاب عليه الزامل، بأنه يجري بالفعل تشكيل فرقة مسرحية وأخرى موسيقية تابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وسيتم الإعلان عنهما قريبا.

 

المصدر: السياسة
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
يسعدنا مشاركتكم في التعليقاتx
()
x