إيران مسيرة حافلة بالتطور والنماء رغم الحصار

يحتفل أبناء الشعب الإيراني هذه الأيام بالذكرى الخامسة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، وتسمى الاحتفالات بعشرة الفجر، حيث تبدأ من الأول من فبراير موعد عودة الإمام الخميني الراحل من منفاه إلى الوطن حتى الحادي عشر من فبراير وهو يوم انهيار وسقوط الحكم البهلوي البائد.

ومن حُسن الصدف أن تتزامن هذه الاحتفالات مع احتفالات الشعب الكويتي بعيدي الاستقلال والتحرير، حيث تشكل حلقة أخرى من تآخي الشعبين الجارين الصديقين.

نعم، الشعب الإيراني أراد الحياة الحرة الكريمة، وقرّر أن تكون لديه حكومة مستقلة دون التبعية والهيمنة للقوى الكبرى، وكان له ما أراد حيث يواصل مسيرته بعزم وإرادة راسخة ويرسم مستقبله بيد شبابه ويهرع الشعب لصناديق الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية وممثليه في مجلس الشورى الإسلامي والمجالس البلدية والمحلية وكل هذه الانجازات تمخّضت عن الثورة الشعبية بقيادة الإمام الفقيد عام 1979.

نعم، لم تأتِ هذه التحولات دون ثمن، فقد ضحى هذا الشعب بدماء خِيرة أبنائه وتحمل أنواع الحصار والمقاطعة والضغوط بدءاً من الحرب الظالمة التي شنها نظام صدام المقبور على بلادنا حتى الحصار اللاقانوني الذي مارسته الولايات المتحدة بحجج واهية والمستمر حتى يومنا هذا، لكن شعبنا بحكمة قيادته وعزيمة شبابه نجح في تجاوز هذه المِحن وراحت سواعد أبنائه تحقق الإنجازات العلمية والتقنية والتنموية والصناعية، ملبية احتياجات البلاد، ما أدى الى فشل الحصار وعدم تحقق أهدافه اللامشروعة.

نعم، تطورت البنى التحتية الاقتصادية وتضاعف إنتاج المواد الغذائية والمحصولات الزراعية التي وصلت لحد الاكتفاء الذاتي ووقف الاستيراد من الخارج.

في المجال الصحي، زادت معدلات الأمل بالحياة، بسبب الخدمات العلاجية والتأمين الصحي وضمان السلامة لكل المواطنين، وانخفضت معدلات الوفيات وتضاعف عدد الأطباء والمستوى العلاجي للمستشفيات إذ تعتبر إيران اليوم من أهم الدول في السياحة العلاجية.

ومن خلال إنتاج 97 في المئة من الأدوية نالت المرتبة الأولى في المنطقة، وبعد انتشار جائحة كورونا نجحت في إنتاج 6 أنواع من اللقاحات للقضاء على كوفيد 19 في مختبراتها.

ولا يمكن اختصار واستعراض كل الإنجازات التي طرأت في إيران في المجالات الصناعية والتربوية والثقافية والعلمية والتقنية، ولا يمكن حصرها في هذا المقال، لكن الفكرة الأساسية هي الإيمان بالقدرات الوطنية الشابة والعودة الى الذات والاعتماد على النفس، وهو المبدأ الذي طرحه قادة الثورة ومفكروها منذ السنوات الأولى.

في المجال السياسي، فإن حكومة الدكتور رئيسي تركز على تعزيز العلاقات مع دول الجوار وتعتبر ذلك من أولويات سياستها الخارجية، وتؤمن بأن الحوار والتفاهم هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في ربوع المنطقة التي سئمت من الحروب والنزاعات المُدبرة في الخارج.

إن ايران كانت وستبقى وفيّة لجيرانها وقت المِحن ولم تعتدِ على أحد بل تعرّضت لاعتداء غاشم كما هي الكويت، وإذا كان الصديق يختبر وقت الضيق، فقد برهنت إيران على صدقها ومصداقيتها حين وقفت الى جانب الشعب الكويتي إبّان الغزو الغاشم وطوال السنوات الماضية، كما وقفت وساندت أصدقاءها كافة، حين تعرّضوا للمحن، واليوم تقف بكل قوة الى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم وتسانده في تصديه للعدوان الهمجي الذي يتعرّض له من قِبل جلاوزة الكيان الصهيوني المحتل.

ولابد هنا أن نشيد بالدعم اللامحدود والجسر الجوي الإغاثي الذي تقدمه الكويت للشعب الفلسطيني ومساهمتها الإنسانية في بلسمة جراح النساء والأطفال في غزة هاشم.

وفي مجال مكافحة الإرهاب الذي عانينا منه أكثر من معظم دول المنطقة، فقد لعبت إيران دوراً بارزاً في كبح جماح هذه الظاهرة المشينة، وهي تؤمن بأن القضاء على الإرهاب يتطلب المشاركة الجماعية والتعاون الجاد لكل دول المنطقة، وتؤكد أن أمن الكويت واستقرارها هو أمنها فكلانا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

في المجال التجاري، سجلت تجارة إيران مع دول الجوار نمواً بنسبة 14 في المئة في ظل سياسة فخامة الرئيس إبراهيم رئيسي، لاسيما أن انضمام إيران الى منظمات شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس والاتحاد الأوراسي أثبت فشل سياسة الأعداء في عزل إيران، وأن سياسة توسيع الأسواق في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا يأتي في إطار نهج الحكومة الحالية.

أما في المجالات العلمية والتقنية، فإن خبراءنا الشباب حققوا منجزات مذهلة في تطبيقات النانو وإطلاق الأقمار الاصطناعية وقبل أيام شهدنا إطلاق ثلاثة أقمار اصطناعية إيرانية بنجاح إلى الفضاء باستخدام حامل القمر الاصطناعي سيمرغ، الدراسات الأكاديمية حول الخلايا الجذعية واستخراجها من الأسنان اللبنية ومعالجة الروماتيزم بأدوية الأعشاب وعلاج نخاع العظام وعلاج العقم والخصوبة أدى الى إنتاج الطائرات والغواصات البحرية والمعدات الثقيلة وإنشاء السدود قائمة تطول، وحازت إيران المرتبة الـ 11 في مجال سرعة تطور العلوم في العالم.

وفي مجال العلاقات الثنائية، فهي تواصل نموها من خلال المشاورات المستمرة بين القيادتين الحكيمتين ومسؤولي البلدين الجارين، حيث تترسخ يوماً بعد يوم العلاقات التاريخية والشعبية ولا يفوتنا أن نستذكر بكل تقدير دور الأميرين الراحلين الشيخ صباح الأحمد والشيخ نواف الأحمد وجهودهما لتعزيز وشائج الصداقة بين البلدين، ونأمل من خلال العهد الجديد بقيادة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد الصباح أن نشهد المزيد من التطور والتقدم لمسيرة العلاقات الثنائية، لاسيما وأن اللقاءات والاتصالات وتبادل الرسائل الخطية متواصلة بين كبار الشخصيات، خصوصاً بين وزيري الخارجية في البلدين، وأن نشهد زيارة المواطنين الإيرانيين لأهلهم في بلدهم الثاني الكويت كما يقوم إخواننا المواطنون الكويتيون بزيارة المدن الإيرانية المختلفة بكل يسر وسهولة، حيث تمنح السفارة سنوياً ما يقارب 100 ألف تأشيرة للكويتيين، وقد تم إلغاء التأشيرات للمواطن الکویتي أخيراً.

*سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الكويت

 

المصدر: الراي
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments