تُذكّي الأفلام الرومانسية أهمية “القبلة الأولى”، ولكن هل هي كفيلة بالفعل لتطمئنك بأن شفتيك لامستا شفتي “الشخص المناسب”؟ نعطي القبلة أهمية كبيرة، ولكن ما الذي يمنح فعل التقبيل كلّ هذه الخصوصيّة؟
من بين الإجابات المطروحة، هو أننا عندما نكون أطفالاً صغاراً يكون لدينا استعداد فطري للتحسُّس عبر الشفتين: فمنذ مرحلة الرضاعة الطبيعية، نربط شفاهنا ذهنياً بتعزيزات إيجابية.
هناك اقتراح آخر لتفسير الأمر، ومفاده أننا مهيؤون بشكل خاص لتلقي القبلة على الشفاه، بحكم ماضينا التطوري. فبعد مرحلة الفطام، وقبل القدرة على المضغ، خلال سنوات تكويننا الأولى، قد تمضغ الأمهات الطعام، ثم تمرره إلى أفواه الصغار – تسمّى هذه العملية الإطعام وهي سلوك معروف بين القرود أيضاً.
من ناحية ثانية، تعتبر الشفاه منطقة حساسة للغاية. إنها من الأجزاء القليلة في أجسادنا التي تظل مكشوفة ونغطيها بملابسنا.
في جميع الأماكن الأخرى التي عاش فيها صيادون وجامعو الثمار، لم يكن هناك ملابس. ما يعني أنه كان بالإمكان أن يحدث اتصال حسي من خلال أي جزء من الجسم”، بحسب يانكوفياك.
ووجدت إحدى الدراسات أن أقل من نصف ثقافات العالم تستخدم التقبيل على الشفاه. فبين الثقافات التي شملها المسح وعددها 168 ثقافة، 46 بالمئة منها فقط هي التي تستخدم القبلة على الشفاه، كلفتة رومانسية.
أقدم الأدلة على سلوك التقبيل، يعود لنصوص “الفيدا” الهندوسية السنسكريتية والتي يعود تاريخها إلى 3500 عام .
إن أقدم الأدلة على وجود سلوك التقبيل، يعود لنصوص “الفيدا” الهندوسية السنسكريتية، والتي ترجع إلى 3500 عامًا مضت.
تضيف: “ولكن هناك قبلة شعوب الملايو التي وصفها عالم الأحياء البريطاني تشارلز داروين، إذ تجلس النساء القرفصاء على الأرض، ويتمدّد الرجال فوقهنّ، ويستنشق الطرفان روائح بعضهما البعض بسرعة”.
في جزر تروبرياند، قبالة الساحل الشرقي لبابوا غينيا الجديدة، يتبادل المتحابون القبلات من خلال الجلوس وجهاً لوجه وقضم رموش بعضهم بعضاً. “وهو ما أعتقد أن كثيرين من بيننا اليوم لن يجدوه في قمة الرومانسية، ولكن بالنسبة لسكّان تلك الجزر فإنّه يفي بالغرض”، بحسب كيرشنباوم.
وتضيف: “كل هذا يرمي لتوطيد الشعور بالثقة – للتقرب من شخص آخر – وأن يجعلنا مقربين مع الذين نهتم بهم”.
لماذا لا تقبّل الحيوانات بعضها؟
التقبيل عن طريق ملامسة الشفاه والضغط عليها سلوك بشري فريد، على الأرجح. وإن كان الغرض من التقبيل تطوّري، لماذا لا نرى المزيد من فصائل الحيوانات تتجه إلى تبادل القبل؟
إذا هل سنستمرّ بالتقبيل – ولماذا لا تبالي بعض الثقافات بها؟
تقول كريشنباوم مؤلفة كتاب “علم التقبيل”: “لقد رأينا عادة تبادل القبلات تنشأ وتختفي في جميع أنحاء العالم لأسباب مختلفة، تراوحت من الأمراض المعدية وصولاً إلى قيام أباطرة بتحريم التقبيل على شعوبهم، لاعتقادهم أنّ ذلك امتياز لا يحق لهم أن يحظوا به”.
وتتابع: “ولكن هناك شيء أكيد، والذي نراه مراراً وتكراراً، وهو أنه على الرغم من حظره، وعلى الرغم من الأمراض، إلا أنّ [التقبيل] يعود للظهور دوماً”.