وليد بدران
بي بي سي
في 25 يونيو/ حزيران من عام 1678 حصلت الإيطالية إيلينا كورنارو على درجة الدكتوراه في الفلسفة لتكون بذلك أول امرأة تحصل على هذه الدرجة العلمية الرفيعة في التاريخ.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن إلينا كورنارو وُلدت في 5 يونيو/ حزيران من عام 1646 في فينسيا بإيطاليا، وتوفيت في 26 يوليو/ تموز من عام 1684 في بادوفا بإيطاليا، وكانت عالمة وأول امرأة تحصل على شهادة جامعية.
كانت إيلينا كاثوليكية متدينة، ونذرت العفة في سن الحادية عشرة، وبالتالي رفضت العديد من عروض الزواج من الخاطبين المحتملين. لقد أرادت الانضمام إلى جماعة الراهبات البينديكتيات، لكن والدها رفض ذلك.
وفي الثامنة عشرة من عمرها، تم تسجيلها في قائمة شرف النبلاء عندما أنفق والدها 100 ألف دوكات لرفعها هي وإخوتها إلى مستوى الأرستقراطيين.
في عام 1669، قامت بترجمة كتاب حوار مع المسيح للراهب جيوفاني لاسبيرجيو من الإسبانية إلى الإيطالية، وكانت الترجمة مهداة لجيان باولو أوليفا، صديقتها المقربة. وصدر المجلد في 5 طبعات في جمهورية فينيسيا من عام 1669 إلى عام 1672.
وانتشرت شهرتها في كل أنحاء إيطاليا، ودُعيت للانضمام إلى العديد من الجمعيات العلمية. في عام 1670 أصبحت رئيسة جمعية أكاديمية فينيسيا للسلام.
الدكتوراه
لم تسع كورنارو للحصول على درجات علمية من جامعة بادوفا، لقد أرادت ببساطة مواصلة تعليمها. ومع ذلك، أصر جيوفاني كورنارو على أن يتعرف العالم على المعرفة المذهلة التي تتمتع بها ابنته.
كانت تعاني من المرض قبل التحاقها بجامعة بادوفا، ولكن يبدو أن المرض اختفى بمجرد أن بدأت دراستها. كتبت إلى والدها من بادوفا بعد فترة قصيرة من التحاقها بالجامعة: “مع متعة دراستي، والهواء النقي، والرعاية الدؤوبة من الأطباء، أشعر بأنني أقوى بكثير لذلك آمل أن أتمكن في المستقبل من استئناف دراستي”.
أثناء حضورها الفصول الدراسية، واصلت لقاء أشخاص من جميع أنحاء أوروبا، وواصلت بشكل خاص مناظراتها مع العلماء المشهورين وهي المناظرات التي استمتعت بها كثيرًا. وأصبحت هذه المناظرات مشهورة في جميع أنحاء إيطاليا وعلى نطاق أوسع في جميع أنحاء أوروبا
وبناءً على إصرار والدها، تقدمت إيلينا بطلب للحصول على درجة الدكتوراه في اللاهوت من جامعة بادوفا. وقد قوبل طلبها بالمقاومة حيث رفض المسؤولون في الكنيسة الكاثوليكية منح لقب دكتوراه في اللاهوت لامرأة حيث اعتقدت الكنيسة أنه من غير المناسب أن تحصل المرأة على شهادة في اللاهوت. فحتى أوائل القرن الحادي والعشرين، منعت الكنيسة الكاثوليكية الإناث من الترسيم ككاهنات، وعلى الرغم من أن هذا لم يكن ما أرادته كورنارو، إلا أن الكنيسة شعرت أن منحها مثل هذه الدرجة كان قريبًا بما يكفي من الترسيم.
وبدلا من دكتوراه في اللاهوت سمحت لها الكنيسة بالتقدم للحصول على درجة الدكتوراه في الفلسفة.
وفي 25 يونيو/ حزيران من عام 1678، عُقد امتحانها حيث تحدثت لساعة كاملة باللغة اللاتينية الكلاسيكية موضحة مقاطع صعبة تم اختيارها عشوائيًا من أعمال أرسطو. وتم الاستماع إليها باهتمام كبير وأذهلت إجاباتها الرائعة الممتحنين الذين قرروا أن معرفتها الواسعة تفوق درجة الدكتوراه في الفلسفة التي حصلت عليها وهي في الثانية والثلاثين من عمرها، لقد كانت أول امرأة في العالم تحصل على درجة الدكتوراه. وبالإضافة إلى درجة الدكتوراه، حصلت على خاتم الطبيب، وعباءة المعلم، وإكليل الشاعر.
السنوات السبع الأخيرة
وفي كتابها “تراث هيباتيا”، ذكرت مارغريت أليك أن كورنارو أصبحت محاضرة للرياضيات في جامعة بادوفا عام 1678. وخلال السنوات السبع الأخيرة من حياتها، ركزت إيلينا على التعلم وخدمة الفقراء.
كانت في حالة صحية سيئة معظم حياتها، وكان للعمل الخيري المكثف وتفانيها الشديد في دراستها أثره على حالتها الجسدية الضعيفة.
توفيت إيلينا لوكريزيا كورنارو بيسكوبيا عن عمر يناهز الثامنة والثلاثين في 26 يوليو/ تموز من عام 1684. ويُعتقد أن وفاتها كانت بسبب مرض السل. وتسببت وفاتها في حداد كبير في بادوفا كما أُجريت لها مراسم تأبينية في فينيسيا وبادوفا وسيينا وروما.
في عام 1685، أصدرت جامعة بادوفا ميدالية تكريمًا لطالبتها العظيمة. ويوجد اليوم تمثال رخامي لإيلينا لوكريزيا كورنارو بيسكوبيا في جامعة بادوفا المرموقة في إيطاليا. وهو التمثال الذي تبرعت به كاترينا دولفين إلى الجامعة في عام 1773.
ويتم تذكرها في الولايات المتحدة من خلال النافذة الزجاجية الملونة في كلية فاسار والتي تصورها وهي تناقش أطروحاتها في كاتدرائية بادوفا.
كتبت كورنارو طوال حياتها العديد من المقالات والأطروحات حول القضايا الدينية والفلسفية، بما في ذلك الخطابات الأكاديمية والترجمات. وقد نشر بينيديتو باتشيني سيرتها الذاتية وأعمال إيلينا المجمعة باللغتين الإيطالية واللاتينية عام 1688 في بارما بإيطاليا. وحتى اليوم، يتم الاقتباس من إيلينا كورنارو على نطاق واسع من قبل الباحثين والكتاب.
وفي عام 1895، قامت رئيسة دير ماثاليدا بينسنت من الراهبات البينديكتيات في روما بفتح قبرها حيث أعيد دفن جسدها في تابوت جديد ووُضع فيه لوح يمجد فضائلها ويروي قصة حياتها.
ظل إنجازها هو أعلى إنجاز أكاديمي للمرأة حتى تلك اللحظة في التاريخ حتى جاءت لورا باسي (1711 – 1778) هي المتخرجة الجامعية التالية، وهي امرأة نبيلة من بولونيا، وقد حصلت على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة بولونيا في 12 مايو/ آيار من عام 1732 والثالثة كانت ماريا بيليغرينا أموريتي، التي حصلت على الدكتوراه في القانون من جامعة بافيا في 25 يونيو/ حزيران من عام 1777.
في 5 يونيو/ حزيران من عام 2019، احتفل محرك البحث غوغل بعيد ميلاد إيلينا كورنارو الـ 373.