التدخين: وباء يزاحم إنفاق الأردنيين على اللحوم، ويقتل منهم 9 آلاف إنسان سنويا

يُعد الأردن، بلداً صغيراً جغرافياً، بـ مساحة لا تتجاوز 90 ألف كيلومتر مربع، وتعداد سكاني يقارب 11.5 مليون نسمة، لكنّه أحد بلاد “العجائب” بمنطق أرقام استهلاك منتجات التبغ والتدخين.

إذ تقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 66% من الذكور فيه يدخنون التبغ، كما صنفته ضمن ستة بلدان فقط حول العالم لا يزال يتزايد فيها تعاطي التبغ.

ومع حلول اليوم العالمي للامتناع عن التدخين -31 مايو/أيّار من كلّ عام-، تجد التدخين جاثماً على سلم أولويات الأسر الأردنية، بكونه ثاني أعلى بند في الإنفاق بعد اللحوم والدواجن، ليقتل بذلك 9,000 فرد سنويا، أكثر من نصفهم وفيات مبكرة دون عمر 70 عاماً، وفقاً لورقة سياسيات أعدها المنتدى الاقتصادي الأردني.

وتضيف الورقة التي عُنونت بـ “اقتصاديات التدخين في الأردن”، أن المتوسط السنوي لإنفاق الأسر الأردنية على منتجات التبغ يُقدر بنحو 800 دولار (540 دينارا).

فبينما تجني صناعة التبغ أرباحا هائلة، فإنها تُكلّف العالم 8 ملايين قتيل كل عام، وتُكبّد اقتصاده خسائر بـ 1.4 تريليون دولار سنويا.

ووفقا للمنتدى الاقتصادي الأردني، فإن صناعة التبغ تولد حوالي 1.2 مليار دولار من النشاط الاقتصادي سنويا في المملكة، ولكن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التدخين تصل إلى 2.26 مليار دولار، إذ إنَّ التدخين يُعد مسؤولاً عن خسائر اقتصادية كبيرة تشمل تكاليف الرعاية الصحية وفقدان الإنتاجية للقوى العاملة بسبب المرض أو الوفاة.

كما ارتفعت أعداد المقاهي التي تقدم أراجيل تدخين التبغ والفحم، ملامسةً 3,000 مقهى في العاصمة عمّان وحدها، وفقا للمجلس الأعلى للسكان.

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن للتدخين مضار محتملة شديدة السوء، من أبرزها:

الفقر والتبغ: علاقة طردية

لدى الأردن أعلى معدل انتشار للتدخين بين الذكور في إقليم شرق المتوسط، وواحد من أعلى المعدلات في العالم، وفقا للمسح التدريجي الوطني الأردني للأمراض غير السارية لعام 2019.

كما أنَّ الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض يرتبط ارتباطا كبيرا بارتفاع معدل انتشار تدخين السجائر في الأردن، إذ إنَّ أفقر المدخنين ينفقون على السجائر 25 مرة أكثر مما ينفقون على الصحة، و10 مرات أكثر من التعليم، و1.5 مرة أكثر من الطعام، بحسب الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التبغ والتدخين بكافة أشكاله (2024 – 2030).

وتقول الاستراتيجية إنه من المحتمل أنَّ تكون أسرع طريقة للحد من تعاطي التبغ بزيادة الضرائب عليه ورفع أسعار منتجاته، وتستعرض مجموعة من التحديات التي تواجه مكافحة التدخين في الأردن، مثل ارتفاع معدلات الانتشار، وتطبيق قانون الصحة العامة (غير الملتزم به على نطاق واسع، خاصة في الأماكن المغلقة، التي ستؤثر حال عدم التدخين فيها على إيرادات الأعمال الناتجة عن مبيعات الشيشة)، واعتبار التبغ عصرياً (مع زيادة تقبل منتجاته مجتمعياً وانتشار ما يُسمى نارجيلة الفواكه والنكهات الصحية).

تؤكد منظمة الصحة العالمية الصلة بين التبغ والفقر، فعلى الرغم من معاناة 349 مليون شخص في 79 بلداً، من انعدام الأمن الغذائي الحاد، فإن العديد من هذه البلدان يجمعها قاسم “التبغ” المشترك.

إذ يتمثل هذا القاسم في استخدام مساحات كبيرة من الأراضي الخصبة لزراعة التبغ بدلاً من الأغذية الصحية، حيث يُزرع التبغ في أكثر من 124 بلداً حول العالم كمحصول ريعي، وباستخدام قرابة 3.2 مليون هكتار من الأراضي الخصبة.

كما تعاني البلدان التي يُزرع فيها التبغ غالبا من أثر اقتصادي سلبي نتيجة الآثار الصحية والبيئية والاجتماعية الضارة لزراعة التبغ، وتتسبّب زراعة التبغ في اعتلال صحة المزارعين وعمال المزارع وفي خسارة لا يمكن تداركها لموارد بيئية ثمينة مثل مصادر المياه والغابات والنباتات وأنواع الحيوانات، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments