كيف يمكن تصميم مبنى يعكس جمال الطبيعة المحيطة؟، هو سؤال شغل المصممين المعماريين على مدى 150 عاماً مضت.
لقد آمن المعماري الفيكتوري المعروف آبنيزر هوارد بأن الطبيعة يمكنها أن تكون العلاج المطلوب لمشاكل المدن ونمط حياتها وتلوث أجوائها، واكتظاظها.
وفي عام 1898 أعلن رؤيته لما يعرف بالحدائق العامة في المدن، حيث يمكن للفقراء وحدودي الدخل، الاستمتاع بالطبيعة دون تكبد أعباء وتكاليف السفر.
ولا يجب أن نستخدم الطبيعة في البناء فقط من أجل الجوانب الجمالية، بل في الجوانب العملية أيضا، ويوضح بن ويلسون في كتاب “الغابة الحضرية” الصادر عام 2023، أن المناطق الطبيعية هي مناطق غنية بالتنوع خاصة وأن أكثر الحيوانات المهددة بالانقراض في أستراليا تعيش في المدن وسط أكوام من القمامة، وتأكل منها.
يقول إيو ويلسون، عالم الطبيعة، إن الإنسان يعبر عن حبه للطبيعة بطرق عدة، ولذلك نحن بحاجة لأكثر من الحدائق العامة، فالمدن بحاجة إلى مساحات خضراء طبيعية بشكل تام دون أي تدخل بشري، مع وجود مسارب آمنة لهجرة الحيوانات عبر المدن في المواسم المختلفة، وكل هذا سيساعد في مواجهة التغير المناخي.
ويضيف إيو ويلسون، إنه من الممكن بكل سهولة استخدام الوسائل الطبيعية لبناء مدننا، فالمدن التي تم بناؤها بين القرنين السادس عشر، والتاسع عشر، مثل نيويورك، تستهلك الكثير من الطعام لذلك يجب أن نعتمد على الزراعة الحضرية داخل المباني، حتى وإن كانت لا تنتج كميات كافية لإطعام كل سكان المدينة.
وعبر أنحاء العالم المختلفة يجد المعماريون طرقا لدمج مبانيهم بالطبيعة، ومنهم المعماري الفيلسوف برونو لاتور الذي يسمي ذلك “ترانس هيومانيزم” أو ما بعد الإنسانية، بينما يسميه آخرون “موزموبوليتيكس” أو السياسة العالمية.
ووصل الأمر بالمعماري المعروف بوخمينستر فول بالقول إننا يجب أن نتخيل أنفسنا على أننا مسافرين في سفينة فضاء ضخمة وهي كوكب الأرض.
وفي النهاية نحن بحاجة للمزيد من التجارب لتحديد أفضل السبل لاستخدام الطبيعة حولنا، مثل تغيير كيفية تفكيرنا لنرى الطبيعة مصدراً مهماً يجب الحفاظ عليه، وليست مجرد موارد يمكن استهلاكها.