أيمن زيدان لـ «الراي»: فاتني القطار على «الخامسة»… فتزوجت القضية!

«تزوجتُ القضية… بعدما فاتني القطار على الزواج من الخامسة»!

هكذا جاء ردّ الفنان السوري القدير أيمن زيدان على سؤال «الراي» عمّا إذا كانت لديه النية لدخول القفص الذهبي للمرة الخامسة.

زيدان أكد في هذا الحوار أنه أصبح على أعتاب السبعين من عمره، وكل ما يتمناه في هذه الحياة أن تكون نهايته كالأشجار واقفاً، و«بأن يظّل الشغف بداخلي حتى النفس الأخير لصناعة مشاريع ذات قيمة، وللمحافظة على هذا الإرث الجميل».

كما تطرق الفنان السوري إلى محاور أخرى عديدة، نسرد تفاصيلها في هذا الحوار:

• في البداية، كيف هي علاقتك بدولة الكويت، وفنانيها ومثقفيها؟

– أولاً، أودّ أن أعبّر عن سعادتي لتواجدي في هذا البلد الذي أكنّ له كل المودة والاحترام. علاقتي بالكويت بدأت منذ العام 1994، وبالتحديد بعد عرض مسلسل «نهاية رجل شجاع». أتذكر ذلك تماماً عندما زُرتها، واستقبلتني حينها بحفاوة بالغة، كما قضيت فيها أياماً لا تنسى مع زملائي الفنانين، ممثلين ومطربين، ممن لهم في قلبي مكانة كبيرة، مثل نبيل شعيل وعبدالله الرويشد وعبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وسعاد عبدالله وحياة الفهد، بالإضافة إلى جاسم النبهان ومحمد المنصور، وغيرهم مجموعة كبيرة من النجوم الذي حفروا مكانتهم في ذاكرة المتفرج العربي.

• لماذا لم نرَ لكَ تعاوناً مع هذه الكوكبة من نجوم الكويت في ذلك الوقت؟

– حقيقةً، كانت هناك محاولات فعلية للتعاون في أكثر من مشروع فني داخل الكويت، ولكن لسوء الحظ أنني لم أشارك بها، لظروف متعددة، منها لارتباطي بتصوير أعمال أخرى في سورية.

• لا يزال الجمهور الكويتي يتذكّر أعمالك جيداً، وبالأخصّ «نهاية رجل شجاع»، «يوميات مدير عام» و«يوميات جميل وهناء» فلماذا هذه الأعمال بالتحديد؟

– لأن الأعمال المذكورة صُنعت بعناية وبشغف حقيقي وحماسة غير مسبوقة. في تلك الفترة كانت علاقة الفنان بالمهنة مختلفة عمّا هو سائد هذه الأيام، حيث إن طريق النجاح لم يكن وقتذاك مفروشاً بالورود بل كان وعراً وصعباً للغاية، خصوصاً أن الأعمال السالف ذكرها تم إنجازها بعد مشوار طويل من الدراسة والعمل الدؤوب حول كيفية تقديمها بالشكل الذي يليق بالدراما وبالمشاهد العربي، عبر أسئلة كثيرة كنّا نطرحها في ما بيننا قبل الشروع في العمل، منها: كيف تصنع عملاً درامياً ملحمياً مثل «نهاية رجل شجاع»، أو كيف نتصدّى لمظاهر الفساد والبيروقراطية كما حدث في «يوميات مدير عام» أو تقديم مشروع وطني ملحمي كمسلسل «إخوة التراب»، أو تصنع تفاصيلك اليومية الصغيرة مثلما فعلنا في «يوميات جميل وهناء». أعتقد أن الصدق في هذه الأعمال كان هو السبب الرئيسي في وصولها إلى قلوب المشاهدين.

• قدمت أحد أقسى المشاهد في تاريخ الدراما العربية في مسلسل «قاع المدينة»، من خلال تجسيدك لدور «جودت بيك» الرجل المتغطرس الذي لا ينفك يُحرّض ابنه المترف «ماهر» على سحق كل امرأة يقابلها… فهل أنت قاسٍ إلى هذا الحد مع النساء؟

– لست قاسياً على الإطلاق، ولكن ما أجسّده في الدراما يأتي من باب التنوّع، مع العلم أنني رجل بعيد كل البعد عن الشخصيات الشريرة التي أديتها في أعمالي. وبالتالي، فإن المرأة هي أمي وأختي، والوطن الذي يحتضنني، فكيف أقسو عليها وأحرض على تعنيفها؟!

• إذاً متى سنفرح بك، في زواجك الخامس؟

– «ضاحكاً»: أعتقد أنه فاتني القطار على الزواج، فأنا الآن في نهاية الستينات، وعلى أعتاب السبعين من عمري. مجرد التفكير في هذا الأمر صعب للغاية. أعتقد أنني تزوجت بالفعل… تزوجت القضية.

• عن أي قضية نتحدث؟

– عن القضية العامة!… أفكر دوماً كيف ستكون المحطة الأخيرة في الحياة؟… أتمنى أن تكون نهايتي كالأشجار واقفاً، وبأن يظّل الشغف بداخلي حتى النفس الأخير لصناعة مشاريع ذات قيمة، للمحافظة على هذا الإرث الجميل، لأن البلدان العربية مع الأسف، بلدان الخواتيم السيئة.

• من بعد العام 2011، مرّت أحداث كثيرة في حياة الفنان أيمن زيدان، أولاها الحرب في سورية، وثانيها وفاة ابنك «نوّار»، فما الذي تغير في شخصيتك؟

– تغيرت أشياء كثيرة جداً، فالحرب كانت قاسية على بلدنا وباغتتنا جميعاً، بل أنها من أعنف الحروب في هذا العصر، إذ هشّمت الكثير من الأحلام والتطلّعات على المستوى العام. شخصياً بقيت في سورية ولم أغادرها خلال سنوات الحرب، سوى مرة واحدة لتصوير مسلسل في مصر، ثم عُدت فور انتهاء التصوير. نحن الذين بقينا في الداخل كُنّا نرى على مدى 10 سنوات كيف بدت تتهاوى الأحلام، وكيف هي مؤلمة لحظات الفقد.

• هل من الممكن أن تصف لنا تلك الأحداث بالمختصر؟

– كانت تجربتي سيئة عند وفاة ابني «نوّار» بمرض السرطان، فهو أصغر أبنائي، وكنتُ أدرك أنه رويداً رويداً سيموت، ولكم أن تتخيلوا حين تكون أمام شخص أصبحت أيامه محدودة جداً، ولذلك كنت أشعر بوجعٍ يومي دام 11 شهراً، وهي فترة معاناته مع المرض.

• كيف استطعت أن تجتاز هذه المرحلة الصعبة؟

– أنا مؤمن بقضاء الله وقدره، ولذلك استطعت أن أُلملم شتات ذاتي وأنهض مجدداً.

• على الصعيد المادي ماذا خسرت بسبب الأزمة السورية؟

– الخسائر كثيرة لا تُعدّ، و«الواحد عيب يحكي» عن خسائره المادية في خضم الخسائر التي تكبدها الوطن في الأرواح، وتكبدتها على الصعيد الشخصي، حيث فقدت العام الماضي أيضاً أخي «شادي» وهو أصغر أشقائي، وكأن قدر الإنسان أن يُبتلى في مثل هذه الابتلاءات.

• خلال تلك الفترة، هل وجدتَ صعوبة في التواصل مع شركات الإنتاج العربية، خصوصاً أن هنالك من كان لديه تحفظٌ على التعاون مع بعض الفنانين «المحسوبين على النظام في سورية» كما يقولون؟

– أنا رجل محسوب على سورية وليس على نظام، ولا أريد لهذا الوطن أن يُدمّر. أصلاً هذا المفهوم الخاطئ عن المحسوبية سقط ولم يعد له ذكراً، فهناك فرق كبير بين الموقف الوطني النبيل والموقف السياسي، فعندما ترى بأن وطنك يحترق فمن الضروري أن تكون ضد احتراقه، وتكون لغتك في الحوار مختلفة. الدراما السورية واجهت حصاراً شديداً وتعرضت لتحديات عدة، وبالتالي انخفض لدينا مستوى الإنتاج، وعلى إثر ذلك اخترت أعمالاً بديلة، حيث أخرجت خلال سنوات الحرب 8 عروض مسرحية واشتغلت كممثل في 5 أفلام روائية، بالإضافة إلى كتابة وإخراج 3 أعمال سينمائية، وأصدرت خمسة كتب، 4 منها عن الحرب في بلادي.

• هل من بين تلك الأعمال الخمسة فيلم «الأب» الذي حصلت من خلاله على جائزة أفضل ممثل في مهرجاني «وهران» السينمائي، والإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط؟

– نعم صحيح، بالإضافة إلى فيلم «درب السماء» الذي نلتُ به أيضاً جائزة أفضل ممثل، وكذلك حققت جائزة أفضل ممثل عن دوري في فيلم «مسافرو الحرب» في مهرجان شرم الشيخ للسينما الآسيوية.

أعمال البيئة الشامية

أبدى زيدان أسفه لأنه تم حصر الدراما السورية في البيئة الشامية لغرض تسويقها، «علماً بأن هذه النوعية من الأعمال لا يمكن إنجازها إلا في سورية، حيث إن معظم المسلسلات الشامية التي جرى تصويرها في الخارج لم تنجح»، لافتاً إلى أن «السبب أن هناك مفردات وتفاصيل لا تتوافر إلا في موطنها الأصلي، مثل أجواء الحارة وروح البيت الدمشقي الذي يرجع عمره إلى مئات السنين، والذي لا يمكن تشييده من خلال الديكورات، بالإضافة إلى العناصر المهمة الأخرى، منها توفير الكومبارس والأزياء والإكسسوارات التي تناسب طبيعة هذه الأعمال».

أتحدّى أي ممثل سوري

بسؤال زيدان عن كيفية اقتناعه بتصوير مشهد الاستحمام في الحلقة الثلاثين من مسلسل «زقاق الجن»، أجاب «بل أنا من اقترح على المخرج أن نقدم هذا المشهد بهذه الصورة الطبيعية، وبمصداقية شديدة. أتحدّى أي ممثل سوري أن يقبل بالظهور في هذا النحول الذي ظهرت به، لا سيما ونحن في زمن (البوتكس) و(الفيلر) وعمليات الشد والنحت».

وأشار إلى أن نحوله كان طبيعياً، «خصوصاً وأنني خضعت مسبقاً لعملية تحويل مسار للمعدة».

«بيت أهلي»

وصف زيدان تجربة مسلسل «بيت أهلي»، الذي يعرض حالياً، بـ«الجميلة للغاية»، معتبراً أنه «من الأعمال المهمة التي تعرض الآن، حيث تبدأ أحداث العمل، بعد اغتيال المناضل السوري عبدالرحمن الشاهبندر، وأجسد فيه دور شخص يدعى (نوري بيك) وهو في الحقيقة شخص نصاب وليس (بيك) كما يدعي».

 

المصدر: الراي
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments