مع التطور التقني الذي شهده العالم في العقود الماضية، شهدنا انتشارًا هائلًا لوسائل الاتصال والتواصل الرقمية، مما أدى إلى تراجع استخدام الكتابة باليد.
وأصبحت الأجهزة الذكية والحواسيب الوسيلة الأساسية للتواصل وتدوين المعلومات، ويثير هذا التطور تساؤلات حول تأثيره على مهارات الكتابة اليدوية والاتصال الإنساني التقليدي، ويدفع بنا للتفكير في توازن استخدام التكنولوجيا والحفاظ على التقاليد الثقافية.
وأشار تيار مستمر من الأبحاث إلى أن تدوين الملاحظات بالطريقة التقليدية باستخدام القلم والورقة أو حتى القلم والكمبيوتر اللوحي لا يزال أفضل طريقة للتعلم، خاصة للأطفال الصغار.
اختلافات في نشاط الدماغ
قامت دراسة حديثة في مجلة Frontiers in Psychology بمراقبة نشاط الدماغ لدى الطلاب الذين يقومون بتدوين الملاحظات، ووجدت أن أولئك الذين يكتبون باليد لديهم مستويات أعلى من النشاط الكهربائي عبر مجموعة واسعة من مناطق الدماغ المترابطة المسؤولة عن الحركة والرؤية والمعالجة الحسية والذاكرة.
وتضاف هذه النتائج إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي جعلت العديد من الخبراء يتحدثون عن أهمية تعليم الأطفال كتابة الكلمات ورسم الصور بخط اليد.
وذكر بحث جديد أجراه أودري فان دير مير ورود فان دير ويل في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا (NTNU)، أن الأشخاص الذين يدونون الملاحظات بواسطة الكمبيوتر كانوا يكتبون دون تفكير.
وأضاف “مير” أنه عند تدوين الملاحظات يدويًا، غالبًا ما يكون من المستحيل تدوين كل شيء؛ يجب على الطلاب الانتباه بشكل فعال إلى المعلومات الواردة ومعالجتها – تحديد أولوياتها وتوحيدها ومحاولة ربطها بالأشياء التي تعلموها من قبل.
تعزيز الذاكرة
تقول صوفيا فينشي بوهير، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب التربوي بجامعة فاندربيلت والتي لم تشارك في الدراسة الجديدة، إن النتائج التي توصلت إليها مثيرة ومتسقة مع الأبحاث السابقة، حيث يمكن رؤية أنه في المهام التي تربط الأنظمة الحركية والحسية معًا، كما هو الحال في الكتابة اليدوية، هناك رابط واضح حقًا بين هذا العمل الحركي الذي يتم إنجازه وبين إنشاء التعرف البصري والمفاهيمي.
وأوضحت “بوهير” أنه عندما ترسم رسالة أو تكتب كلمة، فإنك تأخذ هذا الفهم الإدراكي لشيء ما وتستخدم نظامك الحركي لإنشائه، مما يعزز الاتصال بين الإجراء والصور أو الكلمات المرتبطة به.
وأشارت إلى أن الأمر أشبه بتخيل شيء ثم صنعه، عن طريق كتابته أو رسمه أو بنائه، فإن هذا يعزز المفهوم المتخيل ويساعد على بقائه في ذاكرتك.