احتضنت القاعة المستديرة في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، أول من أمس، جلسة ثقافية نظّمها «نادي بيجونڤيليا الأدبي للقراءة» للدكتور أسامة عبدالرؤوف الشاذلي، لمناقشة روايته «أوراق شمعون المصري» ، في حين أدارت الأمسية الشاعرة الشيخة أفراح المبارك الصباح.
في مستهل حديثها، رحّبت الصباح بالحضور من الشخصيات الثقافية والأدبية والديبلوماسية، وفي مقدمهم سفير جمهورية مصر العربية لدى الكويت أسامة شلتوت.
في حين، أضاءت على سيرة الشاذلي، أشارت إلى أنه أحد الروّاد المتخصصين في جراحات القدم والكاحل في مصر والوطن العربي، وأستاذ زائر بجامعة برشلونة، كما صدرت له 3 روايات هي رواية «أوراق شمعون المصري» التي اشترت حقوقها مجموعة «MBC» ليتم تحويلها إلى مسلسل تاريخي، ورواية «عهد دميانة»، والتي اشترتها الشركة المتحدة للإنتاج الإعلامي ليتم تحويلها إلى مسلسل درامي، والأخيرة «رحلة يأجوج ومأجوج».
كما وصفت الدكتور الشاذلي بأنه روائي اعتاد أن «يشرّح الأدب، يجبّر النصوص، ويخترق بمشرطه تفاصيل التاريخ، يصحح تشوّهات الحكاية، ويعزف بأوتار نسيجه من رومانسية فارهة وعمق شهي».
«الزيارة الأولى»
في غضون ذلك، أعرب الشاذلي عن سعادته الغامرة بأن يزور الكويت للمرة الأولى، مثمناً تواجده في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بدعوة كريمة من الشيخة أفراح الصباح، و«نادي بيجونڤيليا الأدبي للقراءة».
وتابع قائلاً: «استغرقت 7 سنوات في كتابة (أوراق شمعون المصري)، وبدأت بنشرها من خلال حلقات متسلسلة في مواقع (السوشيال ميديا)، إذ كانت تصدر بواقع حلقة كل أسبوعين، وأول حلقة كانت في شهر يناير العام 2014».
وأوضح أن الرواية تتحدث عن فترة التيه، أو خروج بني إسرائيل كحدثٍ تاريخي، كما تقدم بعض الأفكار الفلسفية، والأفكار التي تسقط على الواقع، مؤكداً أن مَنْ يقرأها سيجد أنها مرتبطة بواقعنا الحالي، وبالأرض المقدسة، وأحقية الوعد الإبراهيمي، وقضايا كثيرة شائكة نعيشها الآن.
وتطرّق الشاذلي إلى مضمون شخصية الرواية، والتي قال إنها «شخصية متخيلة، وليست حقيقية، ابتدعتها لكي أسطّر تاريخ هذه الحقبة بكل ما فيها، ولكي أضع على لسانها آرائي وأفكاري، والبحث ما وراء الرواية ليس فقط مرتبط بالفترة التي تمت فيها الكتابة، ولكن اهتمامي عموماً بتاريخ اليهود، والذي يعود لسنوات طويلة جداً، خصوصاً فكرة مقاربة هذا التاريخ المقدس أو التاريخ النصي بالتاريخ المكتوب، وهي فكرة المقاربة ما بين التاريخ وما بين النص المقدس والنص التاريخي، والتي كانت تشغلني دائماً».
«تاريخ الخروج»
وهنا، علّقت أفراح الصباح، بقولها: «أعتقد أن العمل الأدبي يجب أن يُصاغ عن طريق رواية، خصوصاً التاريخي، مثل رواية (أوراق شمعون المصري) التي فسّرت تاريخ الخروج، والنتاج اليهودي خلال أربعين سنة».
ليتناول الشاذلي طرف الحديث، قائلاً: «إن تحويل الفكرة التاريخية لعمل روائي مجدية، لأن الرواية هي مصدر مهم جداً لقطاع كبير من الناس. ربما لم يصل فن من فنون الأدب إلى هذه المكانة كما وصلت الرواية في وقتنا الحالي، وأغلب القرّاء الذين نراهم من الشباب أو غيرهم باتوا يقرؤون الرواية، وأصبحت الروايات مصدراً للثقافة لهؤلاء الشباب، ومصدراً للمعلومة في بعض الأحيان، وهذا خطير أحياناً، لاسيما إن لم يكن الكاتب أميناً بما يكفي، فقد تأتي معلومات مغلوطة، فالرواية وسيلة مغرية جداً للقراءة، وبالتالي هناك الكثير ممَنْ يستسهلون قراءة الرواية ويستصعبون قراءة الكتب».
وزاد الشاذلي: «رغم أنني لا أحب التصنيفات، ولكن الرواية التي تحمل الصبغة التاريخية هي واحدة من فنون الرواية، وأعتقد أنها صعبة إلى حد ما، خصوصاً إذا أراد الكاتب أن يمسك الخيال، فهو العمود الفقري لأي رواية، لأن الرواية في المقام الأول هي فن متخيل».
«فترة صادمة»
وبسؤاله عن المحفز لكتابة هذه الرواية، أكد أن الكتابات التي ألّفها بصورة مكثفة، كانت في فترة الربيع العربي، «وهي فترة صادمة، ومغيّرة لكثير من الأفكار»، مبيناً أن فكرة التيه هي المحفز الأساسي لكتابة رواية «أوراق شمعون المصري».
وحول ما إذا قام بزيارة الأماكن التي ذكرها في الرواية، ردّ الشاذلي: «نعم زرتها، وذلك لأنني أحب زيارة المكان لكي أتخيله».
«نرحّب بالجميع»
في جهة أخرى، أعربت أفراح الصباح عن تطلعاتها للاحتفاء بالكويت عاصمة للثقافة العربية، حيث قالت: «نحن في هذا الصدد نسعد كثيراً بمشاركة الأحباء من جميع الدول العربية في هذه الملتقيات الثقافية، خصوصاً وأننا في شهر فبراير، شهر الاحتفالات، ونرحّب باستضافة جميع زوّارنا وأشقائنا العرب».
وتابعت قائلة: «تطلعاتنا كثيرة، لاحتضان الأدباء والمثقفين من الأشقاء العرب، عبر إقامة الندوات الثقافية للتعرّف على الآخر، وقبول الآخر بجميع تناقضاته واختلافه، حيث إن هذه الملتقيات الثقافية فرصة ذهبية ليتم التعرّف على الكتّاب والمثقفين، وهدم الفجوة ما بين الكتّاب القدامى، والمثقفين القدامى والكتّاب الجُدد حتى يتم الالتقاء بين الطرفين، لإضفاء نوع من المواطنة بين هذه الأطراف، فالتغريبة التي حدثت في الأوساط الأدبية ما بين المثقف، وما بين المتلقي، نريد أن نردمها ونريد أن نبي هذا الجسر الذي يفضي إلى نقطة التقاء جميلة ودافئة بين كل الأطراف». وأكملت «كما نتطلّع إلى أبعد مدى لاستضافة الجمهور، ونريد أن نستضيف مثقفين من المغرب العربي، فالثقافة لا تقف عند حد معين، كما نود استضافة الكثير من الكتّاب الغربيين، واليابانيين، ومن جميع دول العالم، وهذا فعلا شيء جميل، يضيف للكويت وشعبها من الناحية الثقافية».
وعن الهدف الرئيسي لنادي «بيجونڤيليا الأدبي للقراءة»، علّقت بالقول: «النادي تأسس منذ ثماني سنوات، ومازال يلتقي كل شهر لمناقشة كتاب. النادي أثرانا بالكتّاب الذين تمت استضافتهم من الكويت ومصر، ويضيف لمخزوننا الثقافي الكثير من الأفكار، حيث إن هذه الأفكار تتبلور إلى ارتقاء في الذائقة، والارتقاء بالإنسانية، فمَنْ يقرأ وتتضح عنده الرؤية، ويتسع عنده الوعي يرتقي بذائقته التي بالتالي ترتقي بإنسانيته»
يذكر أن «نادي بيجونڤيليا الأدبي للقراءة» يتكوّن من العضوات: فتوح الدلالي، منى الفرج، سهيلة الفرج، هيفاء الصقر، رنا الحمد، خيرية حسين.
«فكرة التيه»
ذكر الشاذلي أنه بدأ الكتابة في أعقاب فترة الربيع العربي، «لأنني رأيت في هذه الفترة تغيرات كبيرة جداً تحدث في المجتمع، ومنها تغيرات تشمل حجم أنظمة، وبناء أنظمة جديدة، حالة من التيه والانفلات المجتمعي على كل الأصعدة، إذ كانت فكرة التيه مرعبة».
وأوضح بأن ثيمة التيه جاءت متوافقة مع شغفه بقراءة المقارنة ما بين التاريخ وما بين النصوص المقدسة، ليخرج هذه الرواية التي تحمل في فكرتها فكرة التيه، كفكرة أساسية، ثم تحمل في طياتها أيضاً أبحاثاً وجهداً بحثياً بعضه خاص فيه، وبعضه الآخر يتعلّق بآخرين في المقاربة بين النص المقدس والنص التاريخي.
«يوميات اليهود»
قالت الشيخة أفراح الصباح في خضم حديثها عن الرواية: «لمَنْ لم يقرأ رواية (أوراق شمعون المصري) هي إجابات لأسئلة كثيرة، كحياة اليهود خلال أربعين سنة من التيه، ما هو نتاجهم، وما هي يومياتهم، وكيف كانوا يعيشون وغيرها الكثير من الأسئلة»، مبينة أن هذه الرواية جاءت في 625 صفحة.