وفي كلمته، وجَّه سفير فلسطين لدى الكويت، رامي طهبوب، الشكر لجميع الداعمين والرعاة لمهرجان فلسطين السينمائي، خصوصاً الجامعة الأمريكية في الكويت، ومؤسسة CAP، ولكل الحضور، قائلاً: «نجتمع هنا هذا المساء فيما لا تزال الإبادة الجماعية مستمرة في دولة فلسطين المحتلة، لا سيما في قطاع غزة، حيث تتعرَّض لهجوم إسرائيلي وحشي ومتواصل. يهدف هذا الاحتلال الهمجي إلى تهجير الشعب الفلسطيني قسراً، ومحو وجوده، وهويته، وحقه في العيش على أرضه».
وأضاف طهبوب: «أتحدَّث إليكم الليلة نيابةً عن صديقي العزيز، المخرج الفلسطيني المرموق رشيد مشهراوي، مخرج (الوثائقي) المؤثر الذي نشاهده اليوم بعنوان (من نقطة الصفر)، وهو عبارة عن مجموعة من 20 فيلماً قصيراً، فهو ليس مجرَّد فيلم، بل شهادة حيَّة بصوت غزة، وهو السرد الفلسطيني، الذي يُروى بألسنة الفلسطينيين أنفسهم، ذلك السرد الذي تم إسكاتُه أو تحريفُه طويلاً، وهو يؤكد أهمية الفن والقوى الناعمة في مواجهة الأزمات، وقدرته على توصيل رسائلنا وصوتنا للعالم، وبالفعل نجح الفيلم في ذلك، ولا يزال يحقق النجاحات وبرصيد كبير لدى الضمير الإنساني حول العالم. استطاع هذا الفيلم تحقيق تقدُّم عالمي، وصولاً للقائمة القصيرة لجائزة أفضل فيلم دولي طويل في الدورة الـ97 لجوائز الأوسكار، وتم عرضه في أكثر من 100 مهرجان سينمائي عالمي، فهؤلاء المخرجون الشباب هم أبطال أكدوا أن صوت الشعب الفلسطيني يرفض أن يُمحى».
واستطاع المخرج الفلسطيني العالمي رشيد مشهراوي، الذي وُلد ونشأ في غزة، وفقد 38 فرداً من عائلته خلال هذه الإبادة الجماعية المستمرة، تقديم هذا المنتج الفني للعالم في الأسابيع التي أعقبت بداية الإبادة، حيث اتخذ قراراً شجاعاً وعاجلاً بإنتاج هذا الفيلم الوثائقي، والذي تعاون من خلاله مع أكثر من 20 مخرجاً؛ رجالاً ونساءً، وأكثر من 100 عامل كشهود عيان، جميعهم يعيشون تحت الحصار في غزة معاً، حيث وثَّقوا الواقع على الأرض من مشاعر الخوف، والجوع، والعطش، واليأس، والنزوح، والأهم من ذلك كله، الصمود.
وفي ظل القصف وتحوُّل المستشفيات إلى أنقاض، وفي ظل شُح الكهرباء واستحالة التواصل، خاطر هؤلاء الأبطال من صُناع «الوثائقي» بحياتهم لتوثيق الحقيقة، فصوَّروا أخطر الأماكن، وشحنوا هواتفهم، ورفعوا لقطاتهم أينما استطاعوا، وغالباً من داخل مستشفيات تتعرَّض للقصف المستمر.
ومع الرؤية الإخراجية المميزة لرشيد استطاعت هذه اللقطات أن تتجمَّع لتصنع لوحة فنية شديدة التأثير والألم، وتفرض نفسها على مجتمع السينما العالمي، وصولاً للأوسكار، وأصبح هذا الفيلم يُعرض اليوم على الجماهير الدولية، في تجربة سينمائية لفهم ما يمر به الشعب الفلسطيني بشكل أعمق، وأكثر شعوراً بألمهم، وشجاعتهم، وحقيقتهم الصلبة.
ويأتي مهرجان فلسطين السينمائي ضمن فعاليات «عيوننا على فلسطين» الفنية في منصة الفن المعاصر، والتي تهدف إلى استمرار تسليط الضوء على القضية الفلسطينية في معركة الرواية حول القضية الفلسطينية، ما بين الرواية الحقيقية والأصلية لفلسطين وشعبها، مقابل الرواية الزائفة للاحتلال الإسرائيلي، حيث انطلقت الفعاليات الأحد الماضي بمعرض للصور بعنوان «غزة حبيبتي» لمصورين فلسطينيين وثقوا الحياة في غزة، وجمعوا قصصاً ملهمة ومتنوعة عن الشعب الفلسطيني، ويختتم فعالياته اليوم (الخميس).
كااااااااااااااادر
الأسلوب السردي المبتكر يصل بالفيلم للأوسكار
«From Ground Zero» هو مشروع سينمائي فريد يضم 22 فيلماً قصيراً، تمزج بين الخيال والوثائقي والرسوم المتحركة والسرد التجريبي. يتناول كل جزء التجارب اليومية لسكان غزة وسط الدمار، مُسلطاً الضوء على موضوعات الصمود والخسارة والبقاء.
قاد هذا المشروع المخرج الفلسطيني البارز رشيد مشهراوي، مؤسس صندوق مشهراوي للسينما وصانعي الأفلام في غزة، الذي يهدف إلى دعم صُناع الأفلام الشباب لمشاركة قصصهم، رغم شُح الموارد والتحديات الكبيرة، حيث عُرض الفيلم لأول مرة في الدورة الخامسة لمهرجان عمان السينمائي الدولي في يوليو 2024، وحظي بإشادة واسعة، بفضل أسلوبه السردي المبتكر، وصولاً لقائمة الأوسكار القصيرة، فيما كان عرضه الأول في سبتمبر 2024، خلال الدورة التاسعة والأربعين لمهرجان تورونتو السينمائي الدولي، ولاقى استحسان النقاد، لما قدَّمه من تصوير قوي لمعاناة الفلسطيني في غزة.