افتتحت سفارة بيرو لدى الكويت، بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي، معرض الصور الفوتوغرافية «قاباك نيان… إنجاز بشري من معالم حضارة بيرو منذ القرن السادس عشر» في المركز، والذي تضمَّن مجموعة من الصور تحكي تاريخ طريق «الإنكا»، بحضور الأمين العام لـ «الوطني للثقافة» د. محمد الجسار، وسفير بيرو الحالي لدى الكويت كارلوس خيمينيس، وجمع من السفراء، والدبلوماسيين، والمهتمين.
وصرَّح الجسار: «نحن سعداء بأن نكون جزءاً من هذا المعرض، الذي يروي قصة بناء أحد أكبر الطرق التجارية في العالم وأقدمها لأكثر من 3 آلاف سنة، ويمتد إلى 20 ألف كيلومتر، وهذا الطريق تم تسجيله في قائمة التراث العالمي لليونسكو».
وذكر أن «الكويت لديها اهتمام بتسجيل مواقعها في (التراث العالمي)، والآن في مرحلة دراسة كيفية تسجيل المواقع الكويتية، لافتاً إلى أنه من المهم زيارة مثل هذه المعارض، لرؤية هذا المعرض الفوتوغرافي الجميل الذي يسرد بصوره حكاية طريق الإنكا.
تحقيق الأهداف
من جانبه، أكد خيمينيس أن «الفعاليات الثقافية ذات أهمية كبيرة في عالمنا المترابط بشكل متزايد. يمكن أن نحقق أهدافنا المرجوة عن طريق الاتفاقيات والدبلوماسية الثقافية، فهما الأداتان المناسبتان لتحقيق النجاح المنشود. في وقت تتخطى التحديات العالمية الحدود، لا يمكن المبالغة في التأكيد على دور الثقافة في تعزيز التعاون والتفاهم والسلام، فالدبلوماسية الثقافية هي فن لبناء الجسور بين الأمم، ويمكن التعبير عنها من خلال عدة جوانب».
وأضاف: «رغم البُعد الجغرافي بين الكويت وبيرو، لكنهما قادرتان على الاستفادة بشكل كبير من الدبلوماسية الثقافية والتعاون المثمر، وتعزيز التفاهم والاحترام المتبادلين، وتعزيز العلاقات الثنائية، وتعزيز التنمية الاقتصادية، خصوصاً أن كلاً من بيرو والكويت غنيتان بالتراث الثقافي المتميز، ومن خلال المشاركة في التبادلات الثقافية يمكن أن تكون هناك فرص للأفراد للتواصل على مستوى أكبر وأعمق، كما أن تلك الفعاليات والأنشطة الثقافية تعزز التفاهم المتبادل وبناء الاحترام بين البلدين».
وأشار خيمينيس إلى أن الكويت وبيرو وقَّعتا العام الماضي اتفاقية تعاون ثقافي، والتي شكَّلت علامة فارقة في العلاقات الثنائية، موضحاً أن تلك الاتفاقية تمهد الطريق لتعاون أعمق، وأيضاً توفر وسيلة للحوار والتعاون، وهذه الاتفاقية تعمل على تقارب الشعبين وإلهامهما، وإثراء مجتمعاتنا، وتعزيز الشراكات، والمساهمة في التقدم العالمي».
روعة الطريق
وألقى سفير بيرو السابق كارلوس فيلاسكو كلمة بيَّن من خلالها أهمية طريق الإنكا، قائلاً: «إذا نظرتم إلى خريطة قارة أميركا الجنوبية، فيمكنكم أن تتخيلوا روعة طريق الإنكا في بيرو، الذي يمتد على مسافة 40 أو 25 ألف ميل، فهو يعبر 6 بلدان من: كوزكو، بيرو، إلى الإكوادور، وكولومبيا في الشمال، وإلى الجنوب بوليفيا وشيلي والأرجنتين. طريق الإنكا، المعروف باسم (قاباك نيان)، يعني بلغة الكيتشوا (الطريق الملكي)، والذي يُعد أحد طرق النقل الأكثر تقدماً واتساعاً، وتطلَّب بناءه الكثير من الوقت والجهد».
«قاباك نيان»… أهم الإنجازات البشرية
يُعد «قاباك نيان» أحد أهم الإنجازات البشرية في العالم الأنديني، فقد تم تشكيل هذا النظام المعقد مع الطرق ليتناسب مع المناظر الطبيعية الأندينية ومواردها، ولم يكن الهدف مجرَّد ربط المدن من مناطق مختلفة، بل أيضاً خلق ديناميكية تفاعلية للقيم الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والتكنولوجية، والأيديولوجية.
منذ نشأة هذا الطريق كان بمنزلة العمود الفقري الذي يربط شعوب توانتينسوي وموارد المناطق المتنوعة، والمواقع الإدارية والإقليمية التي كانت تحت إشراف كوسكو.
وبعد 5 قرون، لا يزال «قاباك نيان» ذا أهمية كبيرة للعديد من المجتمعات التي تستمر في استخدامه للتواصل والحفاظ على معارفها الأصلية من خلال نقلها عبر الأجيال. لذلك تعمل بيرو، من خلال وزارة الثقافة، ومشروع «قاباك نيان – المقر الوطني»، على دراسة واستعادة وتقييم والحفاظ على التاريخ المشترك لهذا التراث الأنديني حياً.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد 500 عام على إنشائه، لا تزال بعض أجزاء الطريق تُستخدم من قِبل سكان البلدات المجاورة للتنقل من مكان إلى آخر، مما يتيح لهم القيام بأنشطة تتعلق بإنتاج وبيع الموارد، والوصول إلى أماكن دراستهم وعملهم، والمشاركة في الأنشطة والاحتفالات، وبهذا يستمر الحفاظ على هذه التقاليد حية على طول الطريق.