تتواصل فعاليات مهرجان الكويت المسرحي الـ 24 بتقديم عروضه المسرحية وندواته التعقيبية وجلساته الحوارية.
وفي جلسة حوارية أدارها الأمين المساعد لقطاع الفنون بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مساعد الزامل، استضاف المهرجان الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، رئيس جمعية المسرحيين في الإمارات، إسماعيل عبدالله، وذلك في قاعة الأندلس في «كراون بلازا – الثريا سيتي»، وسط حضور ضيوف المهرجان من المسرحيين العرب والخليجيين وعدد كبير من الإعلاميين والمهتمين بالشأن المسرحي في الكويت.
في بداية الجلسة، استعرض الزامل محطات من سيرة الضيف وجوانب من إبداعاته في مجالات التمثيل والتقديم التليفزيوني والتأليف والإخراج المسرحي، ثم بدأ عبدالله الحديث مستذكراً بداياته في مجال المسرح من الكويت منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي، وتحديدا منذ أن كان طالبا وعضوا في فريق المسرح المدرسي، كما استذكر زيارة حاكم الشارقة آنداك سمو الشيخ د. سلطان القاسمي للكويت في زيارة رسمية، وكان ضمن الطلبة الذين قابلوا سموه في مقر إقامته، ومنذ هذا الوقت وقد شمله سموه بالرعاية والاهتمام والدعم وعوضه عن وفاة والدة في ذلك الوقت.
وأكد عبدالله أن الكويت قدمت له الكثير من خلال الأندية الصيفية في فترة العطلة الدراسية، وقد انخرط في أنشطتها حتى عاد إلى الإمارات في مدينة خورفكان لمواصلة العمل المسرحي مع شقيقه محمد، إلى أن أسست جمعية الفنون الشعبية للمسرح في خورفكان، لتبدأ رحلة الجنون والعشق في ميدان «أبوالفنون».
ومن الكويت إلى الإمارات، استكمل عبدالله رحلته مع المسرح المدرسي، وأسس فرقة المسرح المدرسي بدعم مدرسيه حتى أنهى دراسته الثانوية، مبيناً أن الكويت قدمته مخرجا من خلال مشاركته في مهرجان الخليج المسرحي الأول للجامعات الخليجية في الكويت عام 1983، بوصفه مخرجا لمسرحية «الأرض بتتكلم أردو». وذكر أنه واصل عمله المسرحي خلال الدراسة الجامعية كممثل ومخرج إلى أن حصل على البكالوريوس في القانون، مشيرا إلى أن دراسته للقانون على سبيل الحصول على شهادة جامعية فقط حتى ساقه القدر للعمل في التلفزيون وعمل مذيعا لمدة 8 سنوات أصبح خلالها مذيعا رئيسيا في تلفزيون أبو ظبي، وتدرج في عمله حتى أصبح مديرا للتلفزيون وانفصل بشكل كبير عن الحراك المسرحي في الإمارات.
بوابة جديدة
وذكر عبدالله أنه عاد إلى المسرح من جديد عام 2003، ولكن من بوابة جديدة وهي الكتابة والتأليف، ووجد نفسه في هذا المجال وكتب أكثر من 30 مسرحية، مشيراً إلى إتاحة الفرصة لديه لدراسة المسرح في فرنسا، ولكنه عدل عن هذه الفرصة، ونظرا لظروفه العائلية آثر الاستمرار في الإمارات.
ولفت إلى رعاية سمو الشيخ د. سلطان القاسمي لمسيرته المسرحية، واستعرض مسيرة تأسيس الهيئة العربية للمسرح التي يتولى حاليا منصب أمينها العام.
وفي أولى العروض المسرحية قدمت فرقة مسرح الخليج العربي مسرحية «تحت الظلال»، التي عكست قدرة المسرح على طرح القضايا الإنسانية المعقدة بطرق جديدة ومبتكرة، فكانت بمنزلة تجربة جمالية وفكرية أثارت العديد من التساؤلات حول الأبعاد النفسية والاجتماعية التي يواجهها الإنسان في عالم تتشابك فيه الظلال مع حالته الداخلية.
النص المسرحي مستوحى من نص «ذاكرة في الظل» للكاتبة مريم نصير، وحمل عمقاً فلسفياً، من خلال قصة تدور حول رجل بحار يتذكر أحداث حياته منذ الطفولة والشباب، وصولا للحياة الزوجية، والآلام التي عاشها، ويظهر معه ظله الذي يمثل له الشخصيات الموجودة في عقله، مما يتسبب له في صراع نفسي لأنه لا يريد أن يعيش وهو حامل لكل تلك الذكريات المؤلمة. العمل من إخراج محمد الأنصاري، ومن تمثيل عبدالله البصيري، وخالد الديحاني، وعبدالعزيز بهبهاني، وعبدالله البلوشي، ونورة وليد، ومصعب السالم.
كما قدمت فرقة المسرح الكويتي مسرحية «من زاوية أخرى» وهي تجربة فنية غنية بالرمزية والتفاصيل الاجتماعية العميقة، وتميز نص المسرحية للكاتب مصعب السالم بالتشويق المستمر والتساؤلات العميقة حول مجموعة قضايا في عالم معقد.
المسرحية سلطت الضوء على بعض المفاهيم كالظلم والفساد والعدالة والانتقام والجريمة والعقاب، وتبنت لعبة أداها الممثلون مع المتفرجين في سبيل حل لغز ترك خلفه العديد من التساؤلات منها: هل هنالك حقيقة مطلقة؟ هل تحتمل كل الأمور الصواب والخطأ؟ ما هو الشر وما هو الخير؟
وقام المخرج محمد جمال الشطي بعمل رائع، وكانت رؤيته مليئة بالتفاصيل الدقيقة التي ساهمت في تعزيز الفكرة الأساسية للعمل، وهي كيفية رؤيتنا للآخرين من خلال منظورنا الشخصي، واستخدم في سبيل ذلك الإضاءة المتغيرة والديكورات التي تتحرك وتتبدل مع تصاعد الأحداث.
وعلى صعيد الأداء التمثيلي، قدم الفنانون: حسن إبراهيم، وأحمد العوضي، وسالي فراج، وناصر الدوب، وغدير حسن، وماجد البلوشي، وسعد العوض، وسارة العنزي، وراشد الراشد عرضا قويا ومؤثرا، واستطاع كل منهم أن يتقمص شخصيته بشكل بارع، وتنقلوا بسلاسة بين المشاعر الإنسانية التي فرضتها عليهم الظروف خلال الأحداث.