آليات الجسم التي تمنعك من حبس أنفاسك حتى الاختناق

تعتبر عملية حبس الأنفاس تحديًا مثيرًا للفضول، فالغالبية مننا إن لم يكن جميعنا قد حاول كتم أنفاسه لأقصى مدى ممكن، إلا أن النتيجة واحدة أننا نصل إلى مرحلة محددة ثم يتسأنف الجسم التنفس دون إرادتنا، فكيف يمنع الجسم فقدان الوعي أثناء ذلك؟

يعتمد الأمر على نظام معقد من الآليات التي تتعاون للحفاظ على التنفس نستعرضه خلال السطور التالية.

الأنظمة العصبية المتعددة والمستقبلات الكيميائية

أوضح أنتوني باين، أستاذ علم الحركة بجامعة وندسور، أن هناك أنظمة متعددة تمنعك من حبس أنفاسك لفترة طويلة، كل منها يتولى المهمة إذا فشل الآخر.

وأضاف باين أن القشرة الحركية التي تراقب التنفس، تعد أحد العناصر الرئيسية في آلية الحفاظ على التنفس، وعندما تستشعر أنك لا تتنفس، ترسل إشارات إلى مركز تنفسك، وهو قاعدة الدماغ، النخاع، الذي يتحكم في العضلات التي تساعدك على التنفس، مثل الحجاب الحاجز- العضلة الرئيسية المسؤولة عن نفخ الرئتين وتفريغهما -، والعضلات بين الضلوع، التي تساعد على توسيع الصدر مع كل نفس.

وأشار باين إلى أن هناك شبكة تقع في أسفل جذع الدماغ تسمى مجمع ما قبل بوتزينجر، والتي تعمل كمولد لإيقاع التنفس في الجسم، والتي تحافظ على وظائف التنفس حتى أثناء حبس الأنفاس.

كما أكد باين أن المستقبلات الكيميائية تلعب دورًا محوريًا في هذه العملية، وهناك نوعان منها، المستقبلات الكيميائية المركزية التي تستجيب بشكل أساسي لثاني أكسيد الكربون، والمنعكسات الكيميائية الطرفية التي تقع بالقرب من الحنجرة وتراقب مستويات الأكسجين، وعندما تتوقف عن التنفس، تصدر هذه المستقبلات إشارات تنبه الجسم بحاجته للتنفس.

يمكن للغواصين المحترفين، بفضل تدريبهم، حبس أنفاسهم لفترات زمنية أطول بكثير، حيث سجل الرقم القياسي لانقطاع النفس الساكن نحو 12 دقيقة، بالنسبة لهم، فإن تعطيل الجسم السباتي ليس له تأثير كبير

تأثير التدريب وتجاوز الإشارات الطبيعية

أظهرت الدراسات أن المستقبلات الكيميائية ليست وحدها المسؤولة، وفي إحدى التجارب، استخدم الدوبامين لتعطيل نشاط الجسم السباتي، مما أدى إلى إطالة مدة حبس الأنفاس لدى الأشخاص غير المدربين.

ولذلك يمكن للغواصين المحترفين، بفضل تدريبهم، حبس أنفاسهم لفترات زمنية أطول بكثير، حيث سجل الرقم القياسي لانقطاع النفس الساكن نحو 12 دقيقة، بالنسبة لهم، فإن تعطيل الجسم السباتي ليس له تأثير كبير.

ويستطيع الغواصين المحترفين تجاوز إشارات مستقبلاتهم الكيميائية، مما يسمح لهم بخفض مستويات الأكسجين إلى معدلات أقل، ويتنفسون فقط عندما يشعرون بأنهم على وشك فقدان الوعي، وهذا المستوى الحرج من نقص الأكسجين يعتبر إشارة لبدء التنفس مرة أخرى.

يساعد إدخال المزيد من الأكسجين، سواء بالتنفس العادي أو استنشاق الأكسجين النقي، على إطالة مدة حبس الأنفاس، وتستخدم هذه الطريقة أحيانًا في الفحوصات الطبية، حيث يمكن للمرضى حبس أنفاسهم لمدة تصل إلى خمس دقائق عند تزويدهم بنسبة 100% من الأكسجين

شلل الحجاب الحاجز

تعتبر إحدى أبرز التدخلات التي تؤثر على حبس الأنفاس هي شلل الحجاب الحاجز، وفي إحدى التجارب في السبعينيات، حقن العلماء مخدرات في الأعصاب الحجابية، مما أدى إلى مضاعفة مدة حبس الأنفاس، ولكن لم يتمكن المشاركون من الوصول إلى حد فقدان الوعي أيضًا.

ويمكن أن يساعد إدخال المزيد من الأكسجين، سواء بالتنفس العادي أو استنشاق الأكسجين النقي، على إطالة مدة حبس الأنفاس، وتستخدم هذه الطريقة أحيانًا في الفحوصات الطبية، حيث يمكن للمرضى حبس أنفاسهم لمدة تصل إلى خمس دقائق عند تزويدهم بنسبة 100% من الأكسجين.

ويعود السبب في ذلك إلى أن الأكسجين الإضافي يخبر مستقبلات الكيمياء الطرفية هذه أن كل شيء على ما يرام، ولكن حتى لو كانت معطلة، فإن الجسم لديه ما يكفي من وسائل الأمان للحفاظ على تنفسك قبل أن تفقد الوعي.

وفي النهاية تظهر هذه الدراسات أن التنفس عملية حيوية، مدعومة بأنظمة متعددة تعمل على ضمان استمرارية التنفس.

المصدر:

livescience

 

المصدر: العلم
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments