لم تعد القهوة أحد أكثر المشروبات شعبية وانتشاراً في العالم ولها ملايين العشاق لنكهتها الرائعة وتأثيرها المنبه فحسب، بل تشكلت لها تقاليد وطقوس اجتماعية تنسب إليها لتصبح جزءاً لا يتجزأ من ثقافات مختلفة ولها فنون وأسرار خاصة بصناعتها وتحضيرها حتى باتت محل تنافس كبير حول العالم.
ومن هنا يأتي مهرجان (عالم القهوة 2024) الذي انطلقت فعالياته في دبي، أول أمس، وتنظمه (جمعية القهوة المختصة العالمية) على مدى ثلاثة أيام بمشاركة أكثر من 1600 شركة عارضة وعلامة تجارية من 51 دولة ليعطي فرصة لعشاق القهوة للتعرف على أحدث الابتكارات والمنتجات الجديدة والمعلومات في إعدادها وتحضيرها بطريقة مثالية.
ولفهم أعمق لهذا الشغف العالمي أجرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) خلال المهرجان لقاءات مع زوار وخبراء ومستوردين في مجال القهوة للحصول على آرائهم وتجاربهم الشخصية حيث أجمعوا على أن القهوة ليست مجرد مشروب بل أصبحت جزءا من نمط حياتي يومي وأحد أشكال التفاعل الاجتماعي والتراث الثقافي للشعوب حول العالم.
فقال محمود رمضان وهو أحد زوار المعرض: إن القهوة هي أكثر من مجرد مشروب ساخن بل تعكس أيضا تفاصيل حياة الأفراد والمجتمعات وتمتلك دورا متعدد الأوجه في حياة الناس سواء كان ذلك من خلال تحفيز الإبداع والتركيز في العمل أو باعتبارها وسيلة للتواصل وتبادل الثقافات خاصة في مجتمعاتنا العربية.
وأشار محمود إلى فوائد القهوة مثل زيادة اليقظة وتحسين الأداء الذهني وهي محببة له خاصة في الفترة الصباحية مبينا أهمية الوعي لتناولها باعتدال لاحتوائها على كمية من الكافيين العالي التي قد تؤثر على النوم أو على صحة القلب.
من ناحيته أكد عمير السيد وهو زائر آخر للمعرض أن القهوة بالنسبة له ليست مجرد مشروب بل هي لحظة استرخاء وتركيز في يومه المزدحم، معتبراً أن رائحة القهوة تذكره بأوقات الحديث مع الأصدقاء وتجارب السفر.
وذكر السيد أن تقديم القهوة يعكس تراثاً ثقافياً وضيافة فريدة في المجتمعات العربية، لافتاً إلى أهمية التعرف على جودة حبوب البن وطريقة تحضيرها لأنها مختلفة بأنواعها وأماكن زراعتها عالمياً.
من جهة أخرى كشف عدد من المستوردون لـ (كونا) عن تحديات يواجهونها في ظل التقلبات السوقية، لافتين إلى أن تفضيلات النكهة عند المستهلكين تتنوع بشكل كبير بين القهوة الخفيفة إلى القوية مع ميل متزايد نحو الخلطات الفريدة والنكهات المبتكرة.
وأفاد وسام بن رحيم وهو أحد مستوردي القهوة ومنتجيها في تونس، بأن الجودة والمصدر الأصلي لحبوب القهوة هما من أهم العوامل التي تحدد تفضيلات المستهلكين والتأكد على الشهادات العضوية للبن والتي باتت تؤدي دوراً متزايد الأهمية في قرارات الشراء للمستهلكين خاصة مع زيادة الوعي والثقافة عن المشروب الشعبي.
وأضاف بن رحيم أن الشباب يتصدرون قائمة مستهلكي القهوة في العالم معتبرا أن القهوة ليست فقط مشروبا للتنبيه بل أيضا فرصة للتجمع والتفاعل الاجتماعي. واعتبر أن الطعم والرائحة كذلك من أهم العوامل التي تحدد تفضيلات النكهة لدى محبي القهوة حيث يميل المستهلكون في بعض الأسواق إلى القهوة الأقوى والمحمصة بدرجة أعلى فيما يفضل آخرون القهوة المحمصة بشكل أخف والنكهات الأكثر تعقيداً. بدوره كشف أبو بكر إمام وهو أحد منتجي البن من إثيوبيا، عن أن من العوامل التي تؤثر على قرارات شرب القهوة السعر حيث يظل عاملاً مهماً “ولكن لاحظنا أن العديد من المستهلكين مستعدون لدفع مبالغ أعلى مقابل جودة أعلى ومصادر مستدامة”.
وذكر أبو بكر، أن أنواع البن التي تستخدم لتحضير القهوة تتنوع من البن العربي والروبوستا والإثيوبي والكولومبي إلى جانب أصناف أخرى حيث تختلف هذه الأصناف في نكهتها وقوامها ما يجعل تجربة شرب القهوة تجربة ممتعة.
وأضاف أن الوعي الصحي للمستهلكين كذلك يؤثر على قرارات الشراء حيث يبحث بعض المستهلكين عن خيارات تناسب أنماط حياتهم الصحية مثل القهوة الخالية من الكافيين أو القهوة العضوية.
في الخلاصة وبلا شك تعد القهوة أكثر المشروبات شعبية وانتشارا في العالم ويظهر شغف الناس بها وتأثيرها العميق على حياتهم اليومية خاصة مع تنوع طرق تحضيرها وتقديمها كما تجسد تنوع الثقافات والتواصل بين الناس وهي رمز للتفاهم والتواصل الإنساني.