مضيق هرمز: قصة الصراع على الممر المائي منذ الاحتلال البرتغالي وحتى الحرس الثوري الإيراني

وليد بدران

بي بي سي

يتمتع مضيق هرمز منذ القدم بأهمية كبيرة في التجارة فضلا عن موقعه الجيوسياسي المتميز حيث يربط بين الخليج من جانب وخليج عمان وبحر العرب من جانب آخر.

جزيرة هرمز

وبعد الفتح العربي، أصبحت هرمز في وقت مبكر السوق الرئيسية لكرمان، مع بساتين النخيل والحبوب والتوابل. وبحلول عام 1200 تقريبًا، احتكرت تجارة الهند والصين وقد قام الرحالة الشهير ماركو بولو بزيارة هرمز مرتين.

وفي حوالي عام 1300، هجر حاكم هرمز العربي البر الرئيسي بسبب اللصوص وأسس هرمز جديدة في الجزيرة التي حلت محل جزيرة قيس (كيش)، الواقعة في وسط الخليج، تدريجيًا باعتبارها أهم مركز تجاري في الخليج، وأصبحت مرة أخرى سوقًا للهند، وهيمنت على جزر الخليج الأخرى وفي بعض الأحيان على البر الرئيسي لعمان.

في عام 1514 استولى البرتغاليون على هرمز وقاموا ببناء حصن وظلت الجزيرة برتغالية لأكثر من قرن من الزمن، لكن صعود الإنجليز في المنطقة واستياء الشاه الفارسي من الاحتلال البرتغالي بلغ ذروته في عام 1622 عندما استولت القوات الأنجلو-فارسية المشتركة على هرمز.

وقد تم تأجير هرمز، إلى جانب جزيرة جيشون الكبرى المجاورة وميناء بندر عباس على البر الرئيسي، لحكام مسقط وعمان بين عامي 1798 و1868. ولم يبق من المدينة القديمة والمشهورة أي شيء تقريبًا باستثناء جزء من الحصن البرتغالي.

يوجد أيضا في مدخل المضيق عدة جزر أخرى هي جزر قشم ولاراك الإيرانية وجزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى وهي محل نزاع بين إيران والإمارات.

في عام 1819 شملت معاهدة الحماية بين حكام الخليج وبريطانيا الجزر الثلاث ” جزيرة أبو موسى وجزيرة طنب الكبرى وجزيرة طنب الصغرى”.

وحاولت إيران فرض سيطرتها على تلك الجزر عدة مرات في أعوام 1904 و1923 و1963، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل.

وعندما أعلنت بريطانيا انسحابها من الجزر عام 1968، كانت الفرصة مواتية لإيران لفرض سيطرتها عليها، وأصبحت جزيرة أبو موسى تابعة لها. واسم الجزيرة في الخرائط القديمة كان “بوماوف” أي “أرض المياه” بالفارسية.

وفي عام 1971، وقّع حاكم الشارقة خالد القاسمي، على مذكرة تفاهم مع إيران برعاية بريطانيا، تنص على “تقاسم السيادة على جزيرة أبو موسى (الجزء الشمالي لإيران والجزء الجنوبي للشارقة) واقتسام عوائد نفطها.

ثم قامت إيران ببسط سيطرتها على جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأدى ذلك إلى نزوح بعض العائلات، ومنذ ذلك الحين أصبحت الجزر موضع نزاع مستمر بين الطرفين.

أما جزيرة طنب الكبرى فتبلغ مساحتها ما يقرب 9 كيلومترات مربعة، وتقع شرقي الخليج العربي قرب مضيق هرمز، وتبعد حوالي 30 كيلومترا عن إمارة رأس الخيمة.

وفيما يتعلق بجزيرة أبو موسى فإنها تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة وقد بسطت إيران سيطرتها عليها عام 1971، قبل أن تنال الإمارات استقلالها عن بريطانيا بيومين فقط. وتقع على بعد 94 كيلو مترا من مضيق هرمز، وتبلغ مساحتها 12.8 كيلو متراً مربعاً.

وترفض إيران التفاوض بشأن السيادة على الجزر الثلاث وفي عام 1992، نصبت إيران في الجزيرة صواريخ مضادة للسفن وأقامت فيها قاعدة للحرس الثوري الإيراني كما أقامت قاعدة بحرية فيها.

وذلك فضلا عن جزيرة القشم (الجسم أو الجزيرة الطويلة)، وهي أكبر جزيرة في الخليج وتبلغ مساحتها 1491 كيلومترا مربعا وتقع عند مدخل الخليج في مضيق هرمز، وكانت تسكنها قبائل عربية ويحكمها القواسم الذين دخلوا في صراع ضد البريطانيين والفرس، وهي تابعة لإيران حاليا.

بالإضافة إلى ذلك هناك جزيرة هنيام (هنجام) وكانت تابعة لعمان، غير أن انتقال آل بوفلاسه إليها منذ عام 1826 قوى مركزهم هناك، وارتبطوا بحكام إمارة دبي. وتقع جزيرة هنيام مقابل السواحل الجنوبية لجزيرة القشم، وتسكن فيها جالية كبيرة من العرب خاصة من آل بوفلاسه.

وفي أوائل عام 1928 أحكمت إيران قبضتها على الجزيرة. وفي شهر أغسطس/آب من ذلك العام غادر حاكم الجزيرة الشيخ عبيد بن جمعة الفلاسي إلى عمان وأقام فيها، وصارت الجزيرة منذ ذلك الحين تابعة لإيران.

وإلى جانب الجزر التابعة لإيران هناك مواقع عمانية تتحكم أيضا في مدخل المضيق وهي شبه جزيرة مسندم وتقع إلى الشمال من الإمارات، وتحدها الأراضي الإماراتية من جميع الجهات. وتبلغ مساحة شبه جزيرة مسندم حوالي 1900 كيلومتر مربع. فضلا عن سلامة وبناتها، وهي مجموعة جزر صغيرة قريبة من رأس مسندم وتتبع سلطنة عمان أيضا.

وخلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، كان المضيق من أكثر المواقع اشتعالا حيث شهد تدمير مئات السفن.

في 24 يوليو/تموز من عام 1987 ، اصطدمت ناقلة كويتية تحمل العلم الأمريكي بلغم إيراني في أول قافلة بحرية ترافقها سفن حماية، مما دفع بالولايات المتحدة إلى نشر مزيد من القوات والسفن، وجعل الجانبين في حالة تصادم أكثر من ذي قبل.

وبعد ذلك بأشهر، تعرضت فرقاطة أمريكية، وسفن أخرى لتفجيرات، مما دفع بالقوات الأمريكية للرد بقوة أكبر من أي وقت مضى، فدمرت قواعد الحرس الثوري الإيراني وهاجمت السفن الحربية الإيرانية.

وفي النهاية، انتهت الحرب. ولكن ليس قبل أن يصطدم الطراد الأمريكي، يو إس إس فينسنس، بطائرة إيرباص A300 الإيرانية ويسقطها، ظنا منه أنها طائرة حربية هجومية، ما أسفر عن مقتل جميع الركاب وطاقم الطائرة البالغ عددهم 290 شخصا.

وشهدت السنوات الأخيرة هجمات ضد سفن واحتجاز ناقلات نفط، وذلك في إطار الصراع الدائر في المنطقة بين طهران من جانب وواشنطن وحلفائها من جانب آخر.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments