دورة المهرجان الـ 74 توجت أول مخرجة من أصل أفريقي بجائزة “الدب الذهبي”
أسدل الستار على الدورة 74 من مهرجان برلين السينمائي، وتضمنت الجوائز مفاجآت أولها نيل المخرجة ماتي ديوب، الجائزة الكبرى.
وتوج المهرجان المخرجة الفرنسية السنغالية ماتي ديوب (41 عاماً) بجائزة “الدب الذهبي”، عن فيلم وثائقي يتناول استعادة أعمال فنية نهبها الاستعمار السابق في أفريقيا.
ومن خلال تتويج فيلم يتناول حقبة ما بعد الاستعمار، حافظت لجنة التحكيم برئاسة الممثلة المكسيكية الكينية لوبيتا نيونغو، وهي أول شخص من أصول أفريقية يتولى هذه المهمة، على نهج المهرجان المعروف باهتمامه بالقضايا السياسية.
وصنعت المخرجة السنغالية الفرنسية ماتي ديوب، التاريخ كأول مخرجة من أصل أفريقي تنال “الدب الذهبي”، عن فيلمها الوثائقي “داهومي Dahomey”، كما حققت ماتي، العديد من الأرقام المميزة الأخرى في المهرجان، حيث أصبح فيلمها الوثائقي الثاني على التوالي الذي يفوز بجائزة “الدب الذهبي” بعد فيلم المخرج الفرنسي نيكولا فيليبرت “On the Adamant” العام الماضي، وكذلك حققت ديوب، بصمة ثانية، حيث يعد “Dahomey” أقصر فيلم يقتنص “الدب الذهبي”، حيث تبلغ مدته 67 دقيقة فقط، ولم يحدث هذا إلا في الدورة الأولى العام 1951 بعد فوز الفيلم القصير “In Beaver Valley” بالجائزة الكبرى.
وقالت ماتي، في خطاب الجائزة: “بإمكاننا إما أن ننسى الماضي، ذلك العبء المزعج الذي يمنعنا من التطور، أو أن نتحمل مسؤوليته ونستخدمه للمضيّ قدماً، وبصفتي مخرجة سينمائية فرنسية سنغالية من أصل أفريقي، اخترت أن أكون واحدة من أولئك الذين يرفضون النسيان، والذين يرفضون فقدان الذاكرة”.
وتمنت ديوب، أن يُشاهَد فيلمها “في أكبر عدد من البلدان الأفريقية وفي المدارس والجامعات”.
وُلدت ديوب، ونشأت في باريس لأب هو المؤلف الموسيقي السنغالي واسيس ديوب، وأمّ تعمل أيضاً في الفن، وقد سبق أن نالت الجائزة الكبرى في مهرجان “كان” السينمائي العام 2019 عن فيلم “أتلانتيك”، وهي أرفع مكافأة بعد “السعفة الذهبية”.
وضمت جوائز “برلين السينمائي”، تتويج الممثل الروماني الأميركي سيباستيان ستان، بجائزة أفضل أداء تمثيلي، عن فيلم “إيه ديفرنت مان”، وفازت الممثلة الإنكليزية إيميلي واتسون، بجائزة أفضل أداء تمثيلي في دور مساعد عن فيلم “Small Things Like These”، ونال المخرج نيلسون كارلوس دي لوس سانتوس أرياس جائزة أفضل مخرج عن فيلم “Pepe”، وفاز ماتياس غلاسنر بجائزة أفضل سيناريو عن فيلم “Dying”، وحصد فيلم “Some Rain Must Fall” مع فيلم “The Great Yawn of History” جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وفاز فيلم “An Odd Turn” بجائزة أفضل فيلم قصير، وفاز فيلم “Remains of the Hot Day” بجائزة لجنة التحكيم “الدب الفضي” في فئة الأفلام القصيرة.
وذهبت جائزة لجنة التحكيم الكبرى، لأحد رواد المهرجان، وهو المخرج الكوري الجنوبي هونغ سانج سو، عن فيلم “إيه ترافيلرز نيدز”، مع إيزابيل هوبير، وجائزة لجنة التحكيم لفيلم “لامبير” (L›Empire) للمخرج برونو دومون، الذي بدأ عرضه في دور السينما الفرنسية.
ومنحت منظمة العفو الدولية بفرعها الألماني جائزتها الخاصة بمهرجان برلين السينمائي، لعمل درامي أردني يتناول قضية اللاجئين، بعنوان (The Stranger›s Case- قضية الغريب)، واصفة إياه بأنه “فيلم مثير للإعجاب يتناول قصة ملحمية عن الهروب من سورية”.
“داهومي” يفضح الاستعمار
يروي فيلم “داهومي” استعادة بنين 26 عملاً فنياً في نوفمبر 2021، بعدما نهبتها القوات الاستعمارية الفرنسية أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت مملكة داهومي، تقع في الجزء الجنوبي الأوسط من بنين الحالية، والتي تكونت آنذاك من ممالك عدة، وأعطت ماتي ديوب، التعليق الصوتي على أحداث العمل لتمثال مجسم للملك جيزو.
وبلغة بنين، الـ”فون”، يشكو الملك جيزو، في الفيلم من أنه لم يعد يحمل اسماً، بل فقط رقم 26، في محفوظات متحف كيه برانلي في باريس.
ويصف الراوي في الوثائقي اقتلاعه من أرضه، وحياته في المنفى، ثم إعادته إلى موطنه أخيراً، ليُعرض في أحد متاحف كوتونو، عاصمة بنين. ولا يظهر في الفيلم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره البنيني باتريس تالون، وهما وراء عملية الإعادة التي أُنجزت في 10 نوفمبر 2021.
وتؤكد المخرجة ديوب، أن إعادة المسروقات اقتصرت على هذه الأعمال الـ26 وحدها، “في مقابل 7 آلاف عمل لا تزال محتجزة في متحف كيه برانلي” في باريس.
تكريم مارتن سكورسيزي
شهدت الدورة 74 من المهرجان تكريم المخرج المخضرم مارتن سكورسيزي، بجائزة “الدب الذهبي” الفخرية لإنجاز العمر، وعرض فيلمه الشهير “The Departed” من بطولة ليوناردو دي كابريو، مات دامون وجاك نيكلسون. وقال سكورسيزي، في كلمة التكريم: “لا أعرف ماذا يمكنني أن أقول عن 50 أو 60 عاماً، هل قلت 70 عاماً من صناعة الأفلام؟ ماذا حدث؟.. عليك أن تكون بمفردك، هذا هو الجزء الوحيد، لكن من المهم جدا أن تتذكر أنه رغم الشعور بالوحدة، إلا أنك جزء من مجتمع، ذلك المجتمع من الذين يقودهم هوس بفن السينما، والعمل الذي نقوم به بشكل فردي هو جزء من استمرارية عظيمة، في النهاية محادثة خالدة لا نهاية لها”.