طالما أثارت الحيتان دهشة البشر بسبب أحجامها العملاقة وقوتها وجمالها، ورغم أنها تعيش في الماء فهي تنتمي إلى الثدييات وتتميز بقدرتها على السباحة لمسافات طويلة في المحيطات.
تشمل أنواع الحيتان العديدة الحوت الأزرق، الذي يعتبر أكبر حيوان على وجه الأرض، بالإضافة إلى الحيتان القاتلة والحيتان الرمادية والحيتان الحدباء، التي تتنوع في أحجامها وأنماط سلوكها.
الإناث المسننة
أظهرت دراسة جديدة نشرت في مجلة “نيتشر” أن انقطاع الطمث لدى الحيتان المسننة، مثل الحيتان القاتلة والحوت الأبيض، يتطور عن طريق تمديد عمرها الحيوي دون التأثير على فترة التكاثر.
يتيح هذا التطور للإناث الأكبر سناً قضاء وقت أطول مع أحفادهن دون المنافسة مع بناتهن وأخواتهن.
ويعد العيش لفترة طويلة بعد انقطاع الطمث أمرًا نادرًا جدًا في الطبيعة، حيث يعتبر البشر وخمسة أنواع من الحيتان المسننة الثدييات الوحيدة المعروفة بامتلاك هذه الصفة.
وعلى الرغم من أن قردة الشمبانزي أيضًا تمر بمرحلة انقطاع الطمث، إلا أن السبب وراء ذلك لا يزال غامضًا، سواء كان ناتجًا عن عوامل وراثية أو بيئية، يبدو أن انقطاع الطمث يتعارض مع مفهوم التطور، حيث من المنطقي للكائنات أن تستمر في التكاثر لتعزيز نقل الجينات.
تقترح “فرضية الجدة” أن الإناث تتوقف عن التكاثر لتقديم الدعم لأبنائهن وأحفادهن، مما يزيد فرص بقاء الجينات عبر زيادة بقاء الأحفاد.
الدراسة الجديدة
تفتح الدراسة الجديدة النقاب عن أسرار تطور سن اليأس لدى الحيتان المسننة، واستنادًا إلى “فرضية الحياة الطويلة”، تقدم الدراسة رؤى جديدة حول كيفية استمرار الحيوانات في الحياة لفترة طويلة دون تغيير في فترة الإنجاب.
يعد تطور انقطاع الطمث عند الحيتان المسننة محطة مهمة للبحث، حيث يوفر فهمًا أعمق لأسباب هذه الظاهرة النادرة في عالم الحيوانات.
ويقول سام إليس، الباحث الرئيسي في الدراسة، إن الهدف من البحث هو فتح الباب أمام التفكير في كيفية وسبب تطور انقطاع الطمث عبر الأنواع المختلفة من الحيتان المسننة، حيث تتمتع إناث الأنواع الخمسة من الحيتان المسننة التي تطورت في مرحلة انقطاع الطمث بعمر أطول بنحو 40 عامًا من المتوقع بالنسبة للأنواع ذات حجمها، في حين أن عمرها الإنجابي هو نفس عمر الأنواع ذات الحجم المماثل.
فوائد العمر الأطول
أوضح الباحثون، أن الإناث من الحيتان التي تخضع لانقطاع الطمث تستمتع بفوائد عدة نتيجة لعمرها الأطول، حيث يمكنهن قضاء وقت أطول مع أفراد ذريتهن، وبالتالي تقديم دعم هام للأجيال القادمة، دون المنافسة مع أفراد أسرهن بسبب عدم التكاثر.
وأشار سام إليس، الباحث الرئيسي، إلى أن العمر الممتد بعد الإنجاب كان هدف التطور موضحًا أن تلك الظاهرة تعتبر جزءًا من تطور الحياة.
والسياق ذاته أكدت ريبيكا سير، أستاذة السكان والصحة في كلية لندن للصحة والأمراض الاستوائية أن تحليل البيانات يتطلب توخي الحذر، حيث تحتاج دراسة التركيبة السكانية للحيتان إلى تقديرات دقيقة، ويجب مراعاة تحيزات البيانات وعيناتها الصغيرة التي قد لا تعكس التوزيع العمري للسكان الأصحاء.