لا شك أن تشخيص الإصابة بالسرطان مسبّب للضيق، لكن معظم مَن يعلم بإصابته بذلك المرض لا يشعر أنه مضطر إلى القيام بتسجيلٍ سيشاهده الملايين.
وكانت أميرة ويلز وعائلتها قد طالبوا بالحفاظ على خصوصيتهم. لكنْ في يوم ربيعي بديع، وفي مواجهة مباشرة لعدسة الكاميرا، شاهدنا أميرةً قررت أن تتعامل مع أخبار صادمة، وأن تعلن بنفسها تلك الأخبار.
وعلى مدى أسابيع شاعت أقاويل بأن استراتيجية العلاقات العامة التي يتبناها قصر كنسينغتون لم تُجدِ نفعا؛ فقد انتشرت شائعات عبر الإنترنت انتشار النار في الهشيم، وترددت في أثرها عبر وسائل الإعلام حول العالم نظريات المؤامرة الخالية من أي دليل.
ثم جاءت كارثة صورة عيد الأم، التي كان الهدف منها إخماد لهيب نظريات المؤامرة، لكن ما حدث أنها أججّت ذلك اللهيب (وإنْ كنت أشك في أن فريق العلاقات العامة في القصر قد علم بأمر تعديل الصورة وقت نشرها).
وكان قصر كنسينغتون واضحا في أن كاثرين لها الحق في الخصوصية. وأعرب القائمو ن على القصر عن ذهولهم من سرعة انتشار الشائعات بمجرد اختفاء الأميرة عن أنظار العامة.
وعلى نحو مختلف تماما، ذكّرني فيديو كاثرين بخطاب تليفزيوني ألقته الملكة إليزابيث الثانية عقب وفاة الأميرة ديانا. وكانت الملكة الراحلة قد شعرت أنها مضطرة أن تظهر للعامة بعد انتقادات في الصحافة في ذلك الوقت بسبب غياب الملكة.
وقد كانت الملكة أيضا تحاول أن تحمي عائلتها وأن تجعل الأولوية لأحفادها بعد وفاة أمّهم. وكان على الملكة أن تعدّل استراتيجيتها؛ ذلك أن دورها كجدة من جانب ودورها كملكة من جانب آخر يجذبانها في اتجاهين مختلفين.
وقد حصل الفيديو على ثناء أولئك الذين يفهمون طبيعة عمل العلاقات العامة بالقصر.
وقد أثنى ستيوارت هيغينز، رئيس تحرير صحيفة الصن السابق وهو أيضا مصاب بالسرطان، على ما وصفه بأنه “شجاعة ووقار ورباطة جأش لدى مواجهة الكاميرا” من جانب الأميرة، بدلا من أن تترك الأمر للقائمين على قصر كنسينغتون لينشروا رسالة نيابة عنها.
ويرى هيغينز أن الكشف عن تشخيص الإصابة بالسرطان هو “أمر شخصي للغاية وليس غير الأميرة وعائلتها الصغيرة مَن يملكون قرار إعلان مثل هذا الخبر الصادم”.
ولا يعتقد هيغينز أن اللغط الإعلامي الذي أثير حول سبب اختفاء كاثرين هو ما دفعها إلى الكشف عن إصابتها بالسرطان، وإنما هو يعكس “قلقا هائلا وحُبا واحتراما كبيرين لامرأة ستكون مليكتنا في المستقبل”.
وقال تشارلز أنسون، المتحدث السابق باسم الملكة إليزابيث الثانية لبي بي سي، إن “الوقوف على التسلسل الصحيح للمعلومات هو مهمة بالغة الصعوبة في زمن الإنترنت”، لكن قرار عمل فيديو الأميرة “كان صائبا تماما فيما يتعلق بإطلاع العامة على حقيقة الأمر مع توفير نطاق آمن للأسرة في الوقت نفسه”.
لكن لا شك أن هناك صدمة حقيقية من كَمّ الشائعات الخبيثة والقاسية التي جرى تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر عدد من وسائل الإعلام حول العالم على مدى الشهور الماضية.
وبحسب عديدين ممن يتفهمون طبيعة عمل العلاقات العامة في القصر، فإن ما حدث هو الأسوأ على الإطلاق.
ويقول خبير العلاقات العامة مارك بوركاوسكي إن العمل مع العائلات الملكية “هو أصعب وظيفة في العالم… هناك أيام جيدة وأخرى سيئة”. لكن بيان الأميرة “وضع الأمور في نصابها”.
ويضيف بوركاوسكي: “لقد استطاعوا أن يستعيدوا السيطرة”. فيديو أميرة ويلز أطلق سيلا من الحب والتعاطف في كل أنحاء المملكة المتحدة وما حولها.