صُدم اللبنانيون منذ أيام بخبر اكتشاف عصابة تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لاصطياد الأطفال، والاعتداء عليهم، وبيع تسجيلات عن الجريمة على الويب المظلم.
وتشتبه القوى الأمنية بأن عصابة الاتجار بالبشر المضبوطة، ارتكبت جرائم عدّة، من بينها الاستدراج، والتخدير، والاغتصاب، والابتزاز.
وفيما تستمرّ التحقيقات لكشف المتورطين، أثار الأمر حالة قلق بالغة، مع خشية الأهل من تكرار جرائم مماثلة.
وتقول الخازن إن على الأهل، “اغتنام الفرصة خلال هذه المرحلة لتعريف الطفل على ما تعنيه حرمة الجسم، كيف أن جسده ملكه، ولا أحد يحق له أن يراه أو يلمسه”. كما أنه “لا يمكنه بدوره أن يرى أو يلمس جسد أي أحد”.
الثقة بحدس أطفالنا
تنصح الخازن أن يشجّع الأهل أولادهم على الثقة بحدسهم. “الأطفال حساسون جداً ويمكنهم التفرقة في غالبية الأحيان بين الشخص الذين يرتاحون للتواجد بقربه، وبين الشخص الذي يشعرهم بشعور غير مريح”.
وتشير إلى أنّ ثقة الأهل بطفلهم فوائدَ تسهمُ في تعزيز ثقته بنفسه، واتخاذَ قرارات في حياته.
والجدير بالذكر بأنه يوجد تطبيقات أو مقاطع فيديو على الإنترنت تعلم الأطفال عن اللمسات المقبولة وتلك غير المقبولة، وعن أمور أخرى متعلقة بحرمة الجسد، يمكن للأهل الاستعانة بها لتوعية أولادهم.
ويمكن إيجاد مقاطع الفيديو التوعوية هذه بحسب الفئة العمرية المستهدفة، فتكون مخصصة لها وسهلة التعلم.
وتشدد على أن بناء الأهل لعلاقة جيدة ومتينة مع أطفالهم منذ الصغر وفي أمور بسيطة و”غير مهمة”، أساسية كي يستطيع الطفل الوثوق بأنه يمكنه إخبار والدته أو والده أو بالغاً آخر يثق به، بأن أمراً مشبوهاً قد حصل معه.
وتشير إلى أن التواصل بين الأهل وأطفالهم يجب أن يكون متواصلاً، ويبدأ حتى من الأمور الصغيرة، التي قد يراها الطفل كبيرة جداً.
وتقول: “في بداية حياة الطفل أو الطفلة، يكون كل أمر يحصل عظيماً ومزعجاً للغاية، حتى ولو كان يعتبره الراشد سخيفاً جداً”.
وتنصح الأهل بألا يستخفوا بمشاكل الطفل الصغيرة، إذ إنها حجر الأساس في علاقتهم معه، وفي ثقته بهم كي يشعر بالأمان.
قبول النقاشات الصعبة
ظروف حياة الأهل الضاغطة والسريعة، قد تمنعهم من التركيز على حاجات الطفل البسيطة، أو تخصيص وقت كافٍ لبناء تواصل معه.
وتقول الدكتورة الخازن في حديثها مع “بي بي سي عربي” إنه لا يمكن إلقاء اللوم على الأهل، خصوصاً مع وجود مسؤوليات كثيرة، لكنها تنصح “الأهل بأن يكونوا موجودين في حياة أولادهم بشكل حقيقي، وتخصيص الوقت الكافي لهم، رغم الضغوط”.
وتقول: “كيف سيثق الطفل بنا لإخبارنا بتعرّضه لموقف مخيف، إن كنا لم نولِه الاهتمام الكافي حين أخبرنا سابقاً بموضوع أقل أهمية؟”.
تقول بأن مناقشة المواضيع الحساسة والدقيقة مثل المواضيع المتعلقة بالجنسانية، مع الأطفال، قد يكون أمراً غير سهل على الأهل.
وتضيف أنّ “الطفل قد يسأل سؤالاً فضولياً ينمّ عن حاجته إلى اكتشاف جسده أو جسد الآخر، إلّا أنّ الأهل قد تكون ردة فعلهم عنيفة، فيمنعونه عن التفكير وطرح الأسئلة التي تدور في ذهنه، بذريعة أنّ الموضوع لا يتناسب وعمره”.
وتشير إلى ضرورة تفادي ردود الفعل التي قد تشعر الطفل بالرفض أو الخجل، فمنع الطفل عن الحديث بموضوع معيّن، لا يعني أنه سيتوقف عن التفكير فيه.
وتشير أيضاً إلى أنه قد يسأل عن أمر معين لأنه قد تعرض لموقف ما، أو كان شاهداً على أمر ما.
وتشرح أن سؤال الطفل لا يكون صعباً للغاية في غالبية الوقت، فلا داعي للأهل أن يتوتروا من أسئلة أطفالهم، ففي غالبية الوقت، يكون سؤال الطفل محدداً للغاية ولا يريد معرفة جميع التفاصيل.
ولا تقتصر المواضيع الصعبة بالنسبة للأهل على المواضيع المتعلقة بالجنسانية، بل تلك المتعلقة بالموت، ووجود الشر في العالم، والأشخاص الشريرين أيضاً.
كيف يتمّ اصطياد الأطفال؟
تقول الدكتورة الخازن إن غالبية المتحرّشين بالأطفال (الأشخاص الذين يعانون من البيدوفيليا)، يأخذون وقتهم في التخطيط لكسب ثقة الطفل المستهدف، ومحاولة التقرّب منه، وقد يحاولون التقرّب من عائلته أيضاً وهي مرحلة تحضيرية.
وتحذر من أن الذين يتحرشون جنسياً بالأطفال قد يخيفونهم أو يهددونهم كي لا يخبروا أحداً بما حدث.
ومن الأمور التي يقولونها للطفل الذين اعتدوا عليه هي أن “والديك لن يصدقوك إذا ما اخبرتهم”، أو يهددون الطفل بإيذائه أو إيذاء والديه. وربما يهددونه أيضاً بأنه سيسجن إن علم أحد بما حصل، أو أن أهله سيدخلون السجن.
وتؤكّد الخازن أنّ خوف الطفل من الحديث عما تعرض له لوالديه، يمكّن المجرم من الاستمرار بجريمته، وتعطيه إمكانيّة السيطرة على الطفل نفسياً حتى بعد انتهاء فعل الاعتداء.
هل تظهر على الطفل علامات سلوكية؟
تؤكد الخازن أنه دائماً ما تظهر علامات سلوكية على الطفل بعد تعرضه لتحرش أو اعتداء جنسي. إلا أنها تختلف من طفل إلى آخر.
وتضيف أنه يجب على الأهل ملاحظة “أي تغير في سلوك أو معاملة الطفل”. وتتابع: “يمكن أن ينزوي، أو يقوم بالتواصل المفرط مع الأشخاص وبطريقة جنسية أو أن يقوم بإغراءات جنسية”.
كما يمكن أن يلاحظوا “تغيّراً في مستواه الدراسي، أو تغيّراً في وظائف الجسم، مثل معاناته مع الكوابيس أو التبول اللاإرادي، أو تغير شهيته على الأكل، أو ألماً في البطن، أو حرارة مرتفعة لا سبب لها، أو أن يصبح عصبياً، أو أن يشرد كثيراً أو يبدو حزيناً”.
وتشير إلى أن ذلك يترافق أيضاً مع شعور بالعار والخجل، ولكن لا يكون واضحاً للعلن في مرات عدة.
وتقول الخازن إن هذه العلامات قد لا تكون ناتجة عن عنف جنسي بالضرورة، ولكنها بالتأكيد مؤشر على وجود معاناة نفسية أو ألم نفسي يحتاج لانتباه.
وفي دليلها عن العوارض التي يمكن من خلالها للأهل الانتباه إلى احتمال تعرّض طفلهم لتحرش أو اعتداء جنسي، تشير جمعية “ذا هول تشايلد” الأمريكية، إلى أن إشارة الطفل لأعضاء الجسد بأسماء جديدة، قد يكون أحد المؤشرات على ذلك.