في السادس عشر من يوليو 1945، أجرت الولايات المتحدة أول اختبار لقنبلة نووية في صحراء نيو مكسيكو، كجزء من مشروع مانهاتن، وهو البرنامج الذي أدى لاحقًا إلى تفجير قنبلتين ذريتين في مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين بعد أسابيع قليلة.
منذ ذلك الحين، بدأ سباق تسلح دولي أدى إلى إجراء العديد من التجارب النووية، حيث قامت سبع دول أخرى بتجربة أسلحتها النووية، مما أسفر عن إطلاق إشعاعات في مختلف أنحاء العالم.
ترى، كم عدد القنابل النووية التي تم تفجيرها بالفعل، سواء خلال التجارب أو في الحروب منذ الأربعينيات؟
80 عامًا من الانفجارات النووية
ليس ثمة إجابة دقيقة عن العدد الإجمالي للقنابل التي تم تفجيرها، لكن تشير التقديرات العلمية إلى أن ما لا يقل عن 2056 سلاحًا نوويًا تم اختباره حتى الآن.
ووفقًا لرابطة التحكم في الأسلحة، قامت الولايات المتحدة بتجربة 1030 قنبلة واستخدمت اثنتين في الحرب، بينما اختبرت روسيا (التي كانت تُعرف سابقًا بالاتحاد السوفيتي) 715 قنبلة، وأجرت فرنسا 210 تجارب، بينما أجرت المملكة المتحدة والصين 45 تجربة لكل منهما، وكوريا الشمالية 6 تجارب، والهند 3، وباكستان 2.
هناك أيضًا اختبار إضافي يُعرف باسم حادثة فيلا، التي وقعت في عام 1979، حيث تم رصد انفجار غير مبرر فوق المحيط الهندي، بالقرب من جزيرة فيلا التي تتبع جزر أرخبيل ماسكارين، القريب من سواحل شرق إفريقيا، مما قد يرفع العدد الإجمالي إلى 2057.
التعريف النووي للقوة
بين عامي 1945 و1963، كانت التجارب النووية تمثل جزءًا مهمًا من سياسات العديد من الدول التي كانت تسعى إلى تعزيز مكانتها كقوى عالمية.
وخلال فترة الحرب الباردة، شهدت التجارب النووية تصاعدًا ملحوظًا، حيث كانت هذه السنوات تشهد تحركات عسكرية وسياسية معقدة، وفقًا لرابطة التحكم في الأسلحة، كان عام 1962 هو الأكثر تسجيلًا للتجارب النووية، حيث تم إجراء 178 اختبارًا، منها 97% من قِبل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى اختبارين من المملكة المتحدة وواحد من فرنسا.
كذلك كان عام 1962 أيضًا نقطة تحول مهمة في التوترات النووية، حين رصدت طائرات استطلاع أمريكية صورًا لصواريخ نووية سوفيتية قيد الإنشاء في كوبا، مما عُرف لاحقًا باسم أزمة الصواريخ الكوبية، وهي الأزمة التي أدت تداعيتها السياسية لاحقًا إلى إعادة تقييم استراتيجيات الأسلحة النووية وتفكير الدولتين في تخفيض التسلح النووي، مما ساهم في بداية حوارات نزع السلاح.
سباق الموت
في عام 1961، أظهرت دراسة رائدة نُشرت في مجلة «العلوم Science» أن مستويات نظير السترانسيوم-90، وهو نظير مشع معروف بأنه يسبب السرطان، كانت مرتفعة في أسنان الأطفال في سانت لويس، مما أثار قلقًا عامًا واسعًا بشأن التجارب النووية.
أسهمت تلك الدراسة في دفع الولايات المتحدة للتوقيع على معاهدة الحظر المحدود للتجارب النووية في عام 1963، التي تم تبنيها في الأمم المتحدة، التي على الرغم من توقيع 108 دول عليها، استمر بعضها في إجراء التجارب النووية، ولم يتوقف الأمر إلا عندما تم اقتراح معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT) في عام 1996، التي وقعت عليها 187 دولة، رغم عدم تصديقها كقانون دولي.
يشتمل نظام المراقبة الخاص بـCTBT على 321 محطة مجهزة بتقنيات متعددة لرصد التجارب النووية في جميع أنحاء العالم، مما يجعل من الصعب إخفاء أي تجربة نووية. آخر اختبار نووي تم تسجيله كان من قِبل كوريا الشمالية في عام 2017، حيث رصد اختبارًا بقوة 140 كيلوطن، أي ثمانية أضعاف قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما.
سرطان يترصد الإنسانية
تشير العديد من الدراسات إلى أن التجارب النووية في الخمسينيات والستينيات أسفرت عن 22,000 حالة سرطان إضافية و1,800 وفاة بسبب لوكيميا مرتبطة بالإشعاع. كما تعرض سكان جزر مارشال، وهي مجموعة من الجزر الصغيرة الواقعة في المحيط الهادئ، لأشد درجات التعرض للإشعاع نتيجة للتجارب التي أجريت هناك. منذ عام 1946، عانت هذه الجزر من آثار مدمرة، حيث تعرض السكان لمستويات إشعاعية عالية بشكل يثير القلق.
وهي أمور كلها حدت، منذ التسعينيات، من تنامي تجارب الأسلحة النووية، باستثناء تجربة أجرتها كوريا الشمالية في 2017 وسجلتها أجهزة رصد نظام المراقبة بقوة 140 كيلوطن، أي ثمانية أضعاف قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما.
ماذا بعد؟
تمتلك 9 دول حاليًا، هي الصين وفرنسا والهند والاحتلال وكوريا الشمالية وباكستان وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، حوالي 13,000 رأس نووي، ومع تزايد القلق بشأن تجارب كوريا الشمالية، طرحت بعض الدول، بما في ذلك كوريا الجنوبية، فكرة تطوير برامجها النووية.
إن التهديد المتزايد بإعادة التجارب النووية، خاصة من قبل الدول الحائزة للأسلحة النووية، يتطلب استجابة دولية موحدة للتوجه نحو نزع السلاح وتعزيز ثقافة السلام، لذا ينبغي أن يتضافر الجهد بين الحكومات والمجتمع المدني لخلق حوار مفتوح حول المخاطر المرتبطة بالتسلح النووي، مما يسهم في تحقيق عالم أكثر أمانًا واستقرارًا للأجيال القادمة.