روسيا : تراجع عدد السكان يهدد مستقبل البلاد جدياً

تشهد روسيا تراجع نموها السكاني بشكل مستمر منذ سقوط الاتحاد السوفييتي السابق، ونقلت صحيفة ” نيزافيسمايا ” الروسية عن مركز تحليل الاقتصاد الكلي والتنبؤات، أن الوقت حان لتعترف الحكومة الروسية بفشل سياساتها في تحفيز الإنجاب، وذلك بعد أن سجل عدد المواليد في 2023 أقل مستوياته منذ تفكك الاتحاد السوفيتي السابق باستثناء  1999، الذي يمثل أقل معدل للمواليد، حيث أقرت لجنة الإحصاء في روسيا  أن  2023 شهدت عدد مواليد يصل إلى 1.264 مليون طفل بما يمثل ثاني أقل معدل مواليد بعد 1999 التي شهدت ولادة  1.214 مليون طفل.
والأكثر من ذلك وفقاً لتقرير لجنة الإحصاء الفيدرالية الروسية هو أن هذا الاتجاه في تراجع معدلات المواليد سيستمر للسنوات المقبلة حيث توقع تقرير للجنة أن يستمر التراجع في 2024 ليصل إلى 1.170 مليون طفل وفي 2025 إلى نحو 1.150 مليون طفل بينما في 2026 لن يزيد عدد المواليد عن 1.140 مليون طفل.
وربما تبدو الصورة أوضح إذا ما أشرنا إلى أن عدد الوفيات في روسيا في العام الماضي وصل إلى 1.79 مليون نسمة وهو ما يعني أن عدد السكان في روسيا تناقص بـ 495.2 ألفاً. 
وأكد إيغور يفريموف الباحث في معهد غايدار للسياسة الاقتصادية لصحيفة ” أر بي سي ” الروسية أن استمرار التناقص في السكان في روسيا يمثل عامل تهديد مباشر لخطط التنمية، وشدد على ضرورة أن تتحلى سياسات السلطات الروسية في هذا الشأن بالواقعية أكثر منه بالطابع المحافظ، وحذر من استمرار هذه المعدلات، التي تعيد رسم الخريطة الديموغرافية في روسيا بشكل جذري، وقد يقود ذلك إلى تغيير طابع التركيبة السكانية ذاتها . في أحاديثه المتكررة عن الأزمة السكانية في روسيا حرص الرئيس الروسي على التأكيد أن معدلات تراجع المواليد في روسيا في العقود الأخيرة أشد منه في الحرب العالمية الثانية. ويشير ألكسي راشكا الخبير الروسي في العلوم السكانية في حديثه مع صحيفة ” فيدوميستي ” الروسية إلى أن كلام الرئيس الروسي يعكس جانباً كبيراً من الواقع حيث أن استمرار معدلات التراجع في المواليد في روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي يرتبط في الأساس بتردي الأوضاع الاقتصادية في التسعينيات وهو ما يسمى ” بالمستنقع السكاني الأول ” حيث أن جيل التسعينيات عندما وصل إلى المرحلة التي ينبغي أن يقيم فيها الأسر ويقبل على الإنجاب، بدا أنه مازال متأثرا بالأوضاع الاقتصادية السيئة التي نشأ في ظلها والتي تجعله يخشى تكوين الأسرة والإنجاب.
والعامل الثاني الذي لا يقل أهمية فهو مرحلة كورونا، حيث شهدت روسيا ارتفاعاً في معدلات تراجع الإنجاب وفي نفس الوقت تزايد معدلات الوفيات.
أما العامل الثالث فهو العامل الذي ربما ألمح إليه الرئيس الروسي بحديثه عن مرحلة الحرب العالمية الثانية، وهي الحرب الفعلية التي تعيشها روسيا منذ سنوات، بالمواجهات العسكرية المباشرة أو من خلال العقوبات الغربية التي يصر الغرب على فرضها وتشديدها عليها. 

 

المصدر: الصباح
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments