“رصاص” محمد الحملي أسقط الشعب ولم يسقط السلطة!

فرصة أثبت فيها الشباب بأنهم على قدر من الثقة والمسؤولية

فالح العنزي

من الجميل جدا رؤية شباب مسرحي واعد يخوض منافسة وسباقا مع أبطال مسرحيين يسبقونه في التجربة والأعمار والاحترافية، لأن هؤلاء اليافعين يملكون القدرة على قول كل شيء، من تمثيل، ابداع، منافسة وتقديم مستوى وأداء رائعين، هذا ما يمكن أن نتحدث فيه عن العرض المسرحي “رصاص” لفرقة “باك ستيج” للمخرج مشعل العيدان، الذي اختار نصا مسرحيا يشبه في فكرته العامة الافكار التي تطرح عادة في عروض المهرجانات المسرحية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالشق السياسي مثل الحقوق والحريات والكرامة والوطن وغيرها من الشعارات، التي عادة ما تجد رفضا صارما من قبل السلطة، وهذا فعلا ما واجهه “شعب” مدينة ليبرتاس عندما طالبوا بأبسط حقوقهم وهي الحرية والكرامة.
بدأت القصة من هذه المدينة، التي يعاني شعبها من القمع والاضطهاد ويعيش بلا حياة وبلا كرامة بل لا يشعر بأنه ينتمي مثل باقي شعوب العالم التي تنتمي لبقعة الارض، التي يقفون ويجلسون ويشغلون مساحتها، في مثل هذا المناخ والمعاناة والشعور بعدم الانتماء تكثر فرص ظهور بعض الرؤوس، حتى تتحرك رافضة القمع والاضطهاد ولا بد من الاجهار لمواجهة السلطة بمختلف الوسائل المتوافرة والمتاحة، وعلى السلطة أن تسمع هذه الصرخات، لأن دورها “احتضان الشعب”، خصوصا إذا كان الشعب مغلوبا على أمره وأنهكه الجوع وفقدان الهوية، واللا وجود في مدينة يفترض ان تكون مدينة الحرية.
يتجمع الشعب أمام منزل “العمدة” بعدما بلغ السيل الزبى، غايته واحدة لا يريد أكثر منها فقط العدالة والانصاف والعيش بكرامة، أقل ما يستحقه الانسان في بلده، لكن يبدو ان ذلك لم يعجب “سيد القرار”، إذ كيف يتجرأ فرد من عامة الشعب برفع لافتة تندد بالعمدة، وتطالب بإسقاطه، والله إنه تمرد ما بعده تمرد، لذا لا بد من “مكافأة” المتمردين بما يستحقونه، ولتمطرهم السماء بوابل الرصاص يسمع دويه ولا ترى رصاصاته، عقابا ليس لاخماد التمرد فقط بل لإسكات من قد يفكر مستقبلا بالخروج عن جادة الخضوع والخنوع، إذ بوجود هكذا “عمدة” يجب أن يعرف الشعب بأنه لا كرامة ولا حرية ولا وطن الا في شخص “السيد”.
هذه المأساة والمعاناة رغم ما تحمله من عمق الهدف وفكرة الصراع بين الشعب والسلطة والطابع الجاد، إلا أن العيدان، ورفاقه أجادوا في تقديمها بأسلوب كوميدي مشوق ابتعد بالعرض المسرحي عن الأداء الكلاسيكي المرهق والممل الى تمثيل عفوي بسيط أضاف فرجة بصرية تحققت بفضل أرواح يافعة لديها ما تقول، وفعلا كانوا أهلا للثقة التي منحها اياهم مخرج العمل مشعل العيدان، الذي تعنونت كلمته بـ”سلمية.. عنيفة.. تأكد بأن الرصاص سينهال”، بينما كتب المخرج محمد الحملي مؤسس فرقة “باك ستيج”: “في السابق.. هناك من ساعدنا لعرض تجاربنا الفنية للجمهور.. والآن بدأ دورنا بإعطاء الفرص والمساحات الكافية للغير.. للتجربة والاستمتاع”.
يمكن القول بأن هذا العرض المسرحي في حال وضعت لجنة التحكيم في عين الاعتبار تقييم وتحفيز وتشجيع للشباب فلن يفلت من اقتناص أكثر من جائزة ولن يخرج خالي الوفاض من المسابقة الرسمية.

 

المصدر: السياسة
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
يسعدنا مشاركتكم في التعليقاتx
()
x