انطلاقاً من شغفه الطويل بالتصوير الفوتوغرافي، يوظف الفنان الأردني من أصل فلسطيني غسان حمادة الصورة بالأبيض والأسود، في إصداره «ذاكرة بيضاء» وهو عبارة عن سلسلة من الصور بالأبيض والأسود يستكشف من خلالها، مفاهيم الذاكرة والنزوح والأرض، لسرد حكايا الغياب، حيث تمسك هذه الصور بأهداب اللحظة، وتجمد الزمن وتطلق سيل المشاعر، لتتعمق في وجدان الإنسان الفلسطيني، جنبا إلى جنب تجتمع هذه الصور لتروي سردية أكبر عن التغريبة الفلسطينية.
ويستبعد حمادة ضجيج الألوان من أجل رؤية أوضح وأعمق وأشمل للحالة الإنسانية، متجردا من عوامل التشتيت ومركزا على جوهر الحكاية التي تهمس في أذن المتلقي قصص أصحابها، ذكريات سنواتهم الأولى، تفاصيل فلسطين التي لم تطمسها سنوات الغياب الطويلة ولم تنجح في تشويهها مرارات التهجير القسري، فبقيت لهم ذكرياتهم الغضة.
وترافق كلا من هذه الصور قصص شفهية هي ملحق مهم لالتقاط تفاصيل الحياة والتجربة التي مر بها اللاجئ الفلسطيني، لتعميق التاريخ الشفهي، وبناء السياق الكامل للسردية الفوتوغرافية، يتحدث اللاجئ عن الزمن الفلسطيني، والنزوح والمقاومة والحياة، فتمثل الصورة الرواية الثابتة فيما تضيف المقابلة بعدا آخر رواية متحركة ومتجددة.
وغسان حمادة فنان أردني من أصل فلسطيني ولد في الكويت عام 1968، وهو ذو تجربة متنوعة في عدد من الفنون ما بين الخط والرسم والسينما والتصميم الغرافيكي، يأسره على وجه الخصوص الحرف العربي بمنحنياته وخطوطه المتداخلة، لدرجة يرى فيها أن قواعد هذا الخط وضعت في السماء، يؤمن بشدة بالتجربة أساسا للإبداع، وتستهويه المفاجآت التي ينتجها التمازج بين الفنون المختلفة التي يمارسها لتتآلف في تجربة فنية فريدة ومبدعة.