أظهرت إحصائية صادرة عن النيابة العامة، حول «مؤشر جرائم الأحداث خلال 30 عاماً»، تضاعف تلك الجرائم بشكل لافت، خلال عامي 2021 و2022، حيث سجلت 5251 جريمة في العام 2021، و5812 جريمة في العام 2022، بينما كان عدد الجرائم 1108 في 2012، و1814 في 2013، ما يعني تضاعف الجريمة بأكثر من خمس مرات، وبنسبة زيادة تبلغ 530 في المئة خلال 10 سنوات، بالمقارنة بين 2012 و2022.
وأمام هذا الواقع، شخّص متخصصون في القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع المشكلة، وبحثوا في ما وراءها، لتوصلوا إلى 10 أسباب أدت لزيادتها ووضعوا 10 حلول لها، مشددين على ضرورة أن تكون هناك وقفة جادة مع هذه الأرقام.
ولفتوا، في تصريحات لـ«الراي»، إلى أن «تصاعد وتيرة جرائم الأحداث، يعد أمراً مقلقاً للغاية، ويستوجب من جميع أجهزة الدولة، فضلاً عن الأسرة، وضع استراتيجية شاملة قائمة على أسس علمية، لمعرفة كيفية تقليل معدلات تلك الجرائم، وخلق بيئة مناسبة لاستيعاب الأحداث وتنمية مهاراتهم وتفريغ طاقاتهم».
ناصر العمار: الذكاء غير الموجَّه يدفع إلى سلوكيات غير سوية
رأى الاستشاري الاجتماعي الدكتور ناصر العمار، القيادي السابق في وزارة الشؤون الاجتماعية، أن «من بين الأسباب التي تدفع الأحداث لارتكاب الجرائم، التنمر بسبب بعض الأعراض الجسدية، مثل قصر القامة أو لون البشرة أو ملامح الوجه»، مشيراً في الوقت ذاته إلى «العوامل النفسية مثل الخوف والقلق والخجل».
وحول وجود عوامل أخرى قد تؤدي إلى زيادة معدلات الجرائم بين الأحداث، بين العمار أن «سوء تقدير الذات، وتعاطي المخدرات، والتفكك الأسري، وقصور الدور المدرسي والشعور بالفشل والإحباط، ورفاق السوء، وضعف الوازع الديني، كلها من الأسباب التي قد تدفع المراهقين والأطفال لارتكاب سلوكيات خاطئة قد تصل لحد الجرائم».
وبين العمار أن «التجارب أثبتت أن الأذكياء بمعدلات كبيرة، إما أن يكونوا عباقرة، وإما أن يكونوا مجرمين، لأنهم يتميزون بسمات خاصة، لأن الذكاء حين لا يجد مجالاً للتنفيس أو التعبير عنه، فإنه يفشل في تحقيق وإثبات ذاته، ويدفع صاحبه إلى اللجوء لسلوكيات غير سوية».
دويم المويزري: ضعف الوازع الديني
أكد المحامي الدكتور دويم المويزري، أن «من أسباب تزايد جرائم الأحداث قلة وعي ومعرفة الأطفال بقانون الأحداث، مما زاد من معدلات الجريمة»، محذراً في الوقت ذاته من «ضعف الوازع الديني، الأمر الذي كان يستوجب على وزارة التربية إضافة مادة دراسية، تعرّف الطلبة بقانون الأحداث وحقوقهم والواجبات المطلوبة منهم».
وحول الأسباب الأخرى لارتفاع معدلات الجرائم بين الأحداث، بين المويزري أن «ثمة سبباً خطيراً، وهو انتشار المخدرات بين الأحداث من دون تدخل من الجهات المسؤولة، وعدم وجود مصحات لعلاج الإدمان في الكويت، وكذلك انفتاح العالم في ظل وجود وسائل الإعلام المنتشرة، كوسائل التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لرقيب في نشر المعلومات، ويمكنها أن تضر الحدث إذا لم تتدخل الدولة».
«مؤشرات على ممارسات تؤدي إلى تسخيف عقولهم»
جميل المري: التضييق على الشباب وغياب القدوة يقودان للانحراف
قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت، الخبير الأسري الدكتور جميل المري، إن «صعود مؤشر الجرائم لدى الأحداث، دليل على وجود خلل كبير في عدة دوائر، وهي الأسرة التي هي أساس أي مجتمع، والدائرة الثانية هي المؤسسات المعنية في كل قطاعات الدولة، والدائرة الثالثة هي دائرة صنع القرار»، معتبراً أنه «إذا وجد القرار الصحيح فإن الأسرة والمؤسسات ستعمل بشكل صحيح».
وذكر المري عدداً من الأسباب التي أدت إلى هذا الارتفاع، قائلاً «من بين هذه الأسباب الخطاب الديني الضعيف غير القادر على استقطاب الشباب، فالإسلام صالح لكل زمان ومكان، فضلاً عن ذلك لا توجد ثقافة أسرية تحاكي العصر وتربط بين المتغيرات وتتعامل مع المحرمات والمؤثرات العقلية والمخدرات، في ظل الكميات المهولة التي تدخل البلاد، وإذا فقد الإنسان عقله فإنه يقوم بعمل أي شيء».
وحذر من «عدم وجود أماكن ترفيه للشباب، بعكس الحال قبل 10 سنوات»، معتبراً أنه «تم التضييق على الشباب، ولم يعد هناك أماكن إلا للعائلات. ونحن مطالبون أن نوجد أماكن للشباب أسوة بالدول المحيطة».
وفيما شدد على ضرورة عدم الانسلاخ عن قيمنا وعادتنا وديننا، لفت في الوقت ذاته إلى سبب آخر يكمن وراء هذا الارتفاع وهو «عدم وجود القدوة في الفن والرياضة، خصوصاً الفن الراقي».
وقال إن «ثمة مؤشرات على ممارسات تؤدي إلى تسخيف عقول الشباب، إعلامياً ورياضياً وفنياً، فنجد أنفسنا أمام شباب لا يقف إلا عند سفاسف الأمور، يسرق ويهتك العرض يقوم بسلوكيات خاطئة لأنه بحاجة لقدوة»، متسائلاً «أين الكتاب والمعلومة المفيدة؟ فقد كانت وزارة التربية هي وزارة المعارف، والآن أبسط الأمور لا يعرفها شبابنا بسبب تسطيح عقله».
أما عن طرق العلاج، فقال المري «من أمن العقوبة أساء الأدب، والأسرة ومؤسسات الدولة عليهم دور كبير في تفعيل عملية العقاب والعلاج في ذات الوقت»، متسائلاً «أين الاحترام للمعلم المربي؟ فقليل جداً من المعلمين يأتي ليربي الطلاب لأنهم اشتغلوا بمناهج لا تسمن ولا تغني من جوع».
وتابع في طرح تساؤلاته «أين دور مراكز الشباب؟ أين الأندية والمنافسة الشريفة بينها؟ ففي الثمانينات وصلنا لكأس العالم وللعالمية، والآن أنديتنا باتت طاردة للشباب لأنه لا يوجد إدارات رياضية مؤهلة. وأين وزارة الأوقاف وخُطب الجمعة مما يحدث بين الأحداث من جرائم؟». ودعا المري إلى «دمج الخطاب الديني مع الخطاب العلمي لمواجهة المخدرات ومواكبة العصر، والاستعانة بالمختصين لوضع خطط ترسم كيفية مخاطبة الشباب واستقطابهم لتحبيبهم في الدين».
بيبي عاشور: نحتاج لدراسة الجرائم ودلالاتها
أشارت رئيسة مجلس إدارة الجمعية الكويتية للإخاء الوطني بيبي عاشور إلى أن «من يتابع المشهد العام في الكويت، يلاحظ الارتفاع في سلوك العنف في المجتمع. وهذا العنف له أسباب، ويتبعه حدوث جرائم بكل أنواعها من الجنح إلى الجنايات».
وشددت على أن «ثمة أعماراً صغيرة جداً من المفترض أن ينصب تركيز أصحابها في نواح إيجابية وتنموية، ولا يمكن إغفال التأثير المباشر للأسرة. كما لا بد من وجود رادع اجتماعي ومعرفة الأسباب وراء ارتكاب هكذا جرائم».
وحذرت من «غياب متنفس يخرج فيه الشباب طاقاته، وقد يكون هذا هو أحد أسباب العنف، فضلاً عن عدم وجود قدوة مما يؤدي أيضاً إلى فقدان البوصلة السلوكية».
وتابعت «لا نفتقر إلى القانون، لكننا بحاجة إلى دراسة الجرائم، لأن الأرقام هي البوابة الأساسية لبناء أي سياسة، وهذا يتطلب من الجميع الالتفات لدلالتها الأمنية والتعليمية والرياضية».
10 أسباب
1 – التنمر الناتج عن الأعراض الجسدية2 – الخوف والقلق والخجل3 – سوء تقدير الذات4 – تعاطي المخدرات5 – التفكك الأسري6 – قصور الدور المدرسي7 – رفاق السوء8 – ضعف الوازع الديني9 – الجهل بالقانون10 – عدم وجود أماكن للترفيه
10 حلول
1 – التوسع في أماكن الترفيه2 – زيادة الوعي بالقانون3 – تطوير الخطاب الديني4 – تفعيل دور المعلم والمدرسة5 – تأهيل الأسرة للقيام بدورها6 – تطبيق القانون بحزم7 – تعزيز دور القدوة في كل المجالات8 – عودة مراكز الشباب وتفعيل دورها9 – التنسيق بين الجهات الحكومية ذات الصلة10 – معالجة مشاكل التفكك الأسري