وليد بدران
بي بي سي
في مطلع مايو/ أيار الماضي، عقد ما يُعرف بـ “اتحاد القبائل العربية” في سيناء مؤتمره التأسيسي الأول، وأعلن حينها عن تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئاسته الشرفية. وقد عُقد المؤتمر في مدينة سكنية جديدة سُميت “مدينة السيسي” في رفح بشمال سيناء، كما تم الإعلان عن تولي إبراهيم العرجاني، أحد أبرز رجال قبيلة الترابين في سيناء، رئاسة هذا الاتحاد.
وفي حسابه الرسمي على تويتر، يقدم الاتحاد نفسه بأنه “جبهة قبلية موحدة تضم الغالبية العظمى من قبائل سيناء، لمساندة الدولة المصرية في مواجهة التنظيمات المتطرفة، ودعم عملية التنمية”.
وطبقًا للكشف في المعجم الحديث، فإن معنى اسم سيناء هو “أرض القمر” باللغة الكنعانية أو السامية القديمة. وذكر بعض المؤرخين أن أصل كلمة “سيناء” معناه “الحجر” لكثرة جبالها، في حين أن اسمها في الهيروغليفية القديمة كان “توشريت” أي أرض الجدب والعراء، وقد عُرفت في التوراة باسم “حوريب”. وذلك بحسب كتاب “سيناء.. أرض.. تاريخ.. وعادات وتقاليد “الصادر عن الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.
أما اسم سيناء الذي أطلق على الجزء الجنوبي منها فهو مشتق من اسم الإله “سين” إله القمر في بابل القديمة حيث انتشرت عبادته في غرب آسيا. كما كان لـ”تحوت” إله القمر المصري شأن عظيم في سيناء، وكانت عبادته منتشرة فيها.
وقد عُرف أهل سيناء في مصر الفرعونية باسم “هيروشاتيو” أي أسياد الرمال، وفي التوراة ارتبط اسمهم بقصة خروج بني إسرائيل من مصر وتجوالهم في صحراء سيناء حيث عرفوا أهلها باسم “العمالقة”، وفي القرن السادس الميلادي عُرفوا باسم “أعراب بني إسماعيل”.
وكانت إسرائيل قد احتلت شبه جزيرة سيناء في يونيو/حزيران من عام 1967، وقد حاول الاحتلال تنفيذ مخطط تدويل سيناء فقام بتحريض قبائلها على الاستقلال ونظم مؤتمر الحسنة في شمال سيناء في 31 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1968، لتحقيق هذا الهدف.
وبينما كان الاحتلال الإسرائيلي يدعو كل وكالات الأنباء العالمية وينقل المراسلين والصحفيين من كل العالم للمؤتمر الذي حضره مشايخ قبائل سيناء جاء موقفهم التاريخي الذي سجله الشيخ سالم الهرش من قبيلة البياضية.
واستمر الاحتلال حتى حرب عام 1973. وفى عام 1982 انسحبت إسرائيل من كامل أراضي سيناء وفقا لاتفاقية السلام مع مصر الموقعة عام 1979، وقد واجه الجيش الإسرائيلي مقاومة من جانب المستوطنين في سيناء لدى تفكيك مستوطناتهم.
قبائل سيناء
أرسل الإمبراطور البيزنطي جستنيان (527-565)، في القرن السادس الميلادي، جنودًا وخدمًا من الإسكندرية بمصر ووالاشيا (منطقة في رومانيا الحالية) إلى جبال سيناء العالية للحماية وخدمة دير سانت كاترين وقد بات أولئك الذين أرسلهم جستينيان لاحقا قبيلة الجبالية، بحسب موقع بدوي دوت كوم.
وتُعرف الآن قبيلة الجبالية بأنها بدوية، ولكن أصلها ليس من شبه الجزيرة العربية أو بادية الشام مثل جميع القبائل البدوية الأخرى في سيناء وإنما من رومانيا ومصر.
ووفقًا للكتابات الجغرافية من القرن العاشر، فإن قبيلتي البياضية والبيلي، المنتشرتين على طول البحر الأبيض المتوسط في شمال سيناء، من أقدم القبائل. ومن الواضح من كتابات القرن الرابع عشر أن عشائر مختلفة قد تم دمجها في سياقات أكبر، مثل العمارين والحبانيين والغيوث (جزء من السواركة حاليًا) في الشمال الشرقي، والجبارات وبني واصل في غزة، والبدارة في وسط سيناء.
وبلغ عدد سكان شبه جزيرة سيناء حسب إحصائيات يناير/ كانون الثاني من عام 2020 حوالي 559,289 نسمة، ويتوزع السكان بين سكان الحضر وسكان الريف والبدو، وتتركز الكثافة السكانية في المدن الساحلية أكثر من المدن الداخلية.
وأثرت مجموعة من العوامل في نمو السكان وتوزيعهم في سيناء، في مقدمتها العوامل السياسية والعسكرية، حيث كانت سيناء أكثر مناطق مصر تعرضًا للحروب وحركة الجيش عبر التاريخ، لذلك ظلت سيناء، رغم إمكاناتها الضخمة، منطقة تذبذب سكاني. كما يرتبط توزيع السكان بتضاريس سيناء ومصادر المياه فيها.
كما ازدادت تجمعات السكان في مناطق التنمية السياحية خاصة على خليج العقبة، وشرم الشيخ، ودهب، ونويبع، وسانت كاترين، وطابا. بالإضافة إلى انتشار تجمعات سكانية عديدة وسط المناطق الجبلية في وسط سيناء مثل منطقتي الحسنة، ووادي فيران.
ووفقا لـكتاب “سيناء.. أرض.. تاريخ.. وعادات وتقاليد “الصادر عن الهيئة العامة للاستعلامات المصرية فإنه يمكن تقسيم أبرز القبائل في سيناء جغرافيا إلى 3 مجموعات وهي:
قبائل شمال سيناء
قبائل وسط سيناء
قبائل جنوب سيناء
النشاط الاقتصادي والحياة الاجتماعية
عمل بدو سيناء، منذ زمن بعيد، في مرافقة الحجاج عبر دروب سيناء إلى مكة، فضلا عن المسيحيين القاصدين دير سانت كاترين، أو القدس. وعلى قمة الجبل الأشهر بهذا الدرب تلقى موسى النبي الوصايا العشر، حسبما ذكر سفر الخروج بالكتاب المقدس.
ويعمل بدو سيناء في الرعي والزراعة والصيد. وقد أثر تشييد المدن السياحية مثل شرم الشيخ ودهب في طريقة حياة البدو، فبدءوا تعلم اللغات الأجنبية للتعامل مع السياح، واستخدام التكنولوجيا الحديثة.
وتقوم الحياة الاجتماعية لسكان سيناء على رابطة الدم، ويتماسك السكان على هيئة قبائل وعشائر وعائلات، ويمثل الشيخ رأس الهرم الاجتماعي للقبيلة يعاونه القضاة العرفيون ووجهاء القبيلة، ولكل قبيلة منطقتها الخاصة بها، ولها حدودها المرسومة مع القبائل المجاورة لها، فلا تبحث عن الكلأ والماء إلا في حدود هذه المنطقة.
والبدوي لا يهجر منطقته إلا لأسباب قاهرة، إذ أن ولاء البدوي يكون لقبيلته ثم لعشيرته ثم لعائلته، وهو يتفاخر بهذا الولاء، ولهذا يحفظ عن ظهر قلب سلسلة أجداده الأقدمين ولكل قبيلة عاداتها وتقاليدها التي تنفرد بها عن القبائل الأخرى في المأكل والمشرب والمسكن والملبس، ويحرص البدوي على توثيق علاقاته بأفراد قبيلته وتنمية مركزه الاجتماعي بينهم.