“الناس لا يتحدثون عن الحزن المتعلق بالرضاعة الطبيعية”

لعدة عقود، سمعت العديد من الأمهات الجدد رسالة “الرضاعة الطبيعية هي الأفضل”.

كانت تلك الرسالة تهدف إلى تشجيع الرضاعة الطبيعية، رغم أنها قد تخلق أيضاً ضغوطاً هائلة على اللواتي تواجهن صعوبات عملية.

وتشعر بعض النساء برغبة شديدة في الرضاعة الطبيعية، ولكنهن مجبرات لأسباب مختلفة، على التوقف في وقت أبكر مما كن يخططن له.

تحدثت عدد من النساء إلى بي بي سي لمناقشة “الحزن المرتبط بالرضاعة الطبيعية”، وهي فترة تختلط فيها المشاعر بالحزن الشديد، وحتى الخجل، بعد قرارهن بالتوقف.

وتضيف: “وجدت تجربة الرضاعة الطبيعية مرهقة ومحرجة”.

وتعتقد أنها ربما كانت تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، رغم عدم تشخيصها في ذلك الوقت.

توضح البروفيسورة إيمي براون، الباحثة في الصحة العامة التي ألفت كتاباً عن الحزن المرتبط بالرضاعة الطبيعية، أن مشاعر الحزن حول تجارب الرضاعة الطبيعية شائعة.

وتقول: “تتوقف العديد من النساء عن الرضاعة الطبيعية في وقت أبكر بكثير مما كن يرغبن، ويشعرن بخيبة أمل أو بأنهن فوّتن تجربة مميزة”.

وتشير الأبحاث إلى أن العديد من النساء ما زلن يرغبن في الرضاعة الطبيعية.

وعلى سبيل المثال، في المملكة المتحدة، تبدأ 81% من النساء في الرضاعة الطبيعية فقط، ولكن بعد ستة أشهر، تستمر حوالي 1% فقط من النساء بإرضاع أطفالهن بالحليب الطبيعي.

وعلى مستوى العالم، بلغت نسبة الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر والذين يرضعون طبيعياً 48%، بزيادة قدرها 10% عن العقد الماضي.

وتأمل ديبتي، الحامل في الشهر السابع بطفلها الثاني، أن تكون رحلة الرضاعة الطبيعية أفضل من رحلتها السابقة.

إذ أنجبت ابنها الأول في عام 2021 وواجهت صعوبة في إرضاعه بسبب رباط اللسان، وحتى بعد تصحيح الحالة، استمرت في مواجهة المشاكل.

ومنعها جدول الرضاعة من الخروج من المنزل بالكامل تقريباً، وبحلول الوقت الذي بلغ فيه ابنها 12 أسبوعاً، تحولت إلى الحليب الصناعي حتى تتمكن من الاستمتاع بالوقت معه في الخارج وحضور دروس الأطفال، وهو أمر اعتبرته مهماً لنموه.

وبعد شهر، علمت ديبتي أن إجراء رباط اللسان نُفذ بشكل خاطئ ويحتاج إلى مزيد من العلاج، وحينها كان قد فات الأوان للعودة إلى الرضاعة الطبيعية.

وشعرت ديبتي بالخجل و”ذنب الأم”، عند استخدام الزجاجة بين صديقاتها المرضعات، وتقول: “لم يحكم علي أحد أبداً، لكنني شعرت بالخجل لأنني كنت أرضع طفلي بالزجاجة، وحزنت لأنني لم أتمكن من إرضاعه طبيعياً مثلهم”.

في حين أن طفلي جيما وديبتي كانا يعانيان من رباط اللسان، فهناك عدة أسباب قد تجعل الأم تكافح من أجل الرضاعة الطبيعية، ومن المشاكل الشائعة: الحلمات المؤلمة أو المتشققة أو النازفة بسبب مشاكل الالتصاق، وانخفاض أو ارتفاع كمية الحليب.

والاحتقان أيضاً، حين تصبح الثديين ممتلئتين بشكل مفرط بالحليب، بما يؤدي في بعض الحالات إلى التهاب الثدي، وهو عدوى ناتجة عن انسداد قناة الحليب مما يسبب الألم أثناء الرضاعة.

وتوضح ليزا أن الرضاعة الطبيعية “لا ينبغي أن تكون مؤلمة أبداً”، وأن الألم يشير إلى أن الطفل ليس في وضعية صحيحة أو لم يلتقم الثدي بشكل جيد.

وتضيف: “يجب ألا يُعتبر التوقف عن الرضاعة الطبيعية فشلاً من جانب الأم”.

أما كلير مورفي، مديرة منظمة “فيد يو كيه – Feed UK”، فتقول إن إطعام الرضيع ليس بالأمر السهل، وأنه ينبغي أن نركز على دعم النساء بغض النظر عن كيفية اختيارهن لإطعام أطفالهن.

وتضيف: “لا أحد – وخصوصاً الأمهات وأطفالهن – يستفيد من بيئة تشعر فيها النساء بالذنب وتتأثر صحتهن النفسية لأنهن اضطررن لاستخدام الحليب الصناعي بينما كن يأملن في تجنبه”.

وتخطط ديبتي لمحاولة الرضاعة الطبيعية مرة أخرى، لكنها تقول إنها لن تضع نفسها تحت الضغط ذاته في المرة القادمة، وتؤكد: “سأحاول مرة أخرى بكل تأكيد، وأشعر أنني أكثر استعداداً الآن لأنني مررت بهذه التجربة من قبل”.

ابن جيمّا، ماكس، يبلغ من العمر الآن سبع سنوات، لكنها تقول إنها لا تزال تشعر بالحزن، وتعترف وهي تبكي بأنها تشعر بـ”ندم عميق وساحق لأن الرضاعة الطبيعية لم تنجح”، لكنها تأمل أن يكون هناك الآن وعي أكبر بدعم جميع النساء بغض النظر عن اختياراتهن في التغذية.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments