رسم النائب عبدالوهاب العيسى خريطة طريق شبابية عصرية في رسالة وجهها إلى رئيس الوزراء الجديد المكلف الشيخ الدكتور محمد الصباح، محورها إعادة هيكلة القطاع العام وترشيقه وتسريع رقمنة الخدمات بما يسهم في القضاء على الواسطات والمحسوبيات والفساد الإداري، وتمكين القطاع الخاص ليكون شريكاً في دعم إيرادات الدولة وخلق فرص وظيفية للشباب الكويتي المطلوب تأمين نصف مليون وظيفة له خلال 15 سنة، معرباً عن أمله في أن يشكل رئيس الوزراء الجديد حكومة رجالات دولة تترجم آمال وتطلعات الشعب الكويتي.
وبارك العيسى للشيخ الدكتور محمد الصباح الثقة الأميرية برئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة، مشيراً إلى ردة الفعل الإيجابية وحالة التفاؤل بعد صدور الأمر الأميري بتكليفه، مبيناً أن هذا ليس بجديد، وأن كل رئيس وزراء جديد يأتي تواكبه مباشرة موجة من التفاؤل الشعبي الكبير التي تشكل حالة من الضغط الشعبي على الحكومة لتحقيق إنجازات سريعة، لكن رئيس الوزراء يصطدم بقطاع عام فاشل ومشلول بالكامل لا يمكن أن يحقق له شيئاً، فيُحبط الناس ويزيد غضبها، ما ينعكس على مجلس الأمة الذي يبدأ بالتصعيد وتسقط الحكومات المتعاقبة، وهذه الدائرة السياسية تستمر في الكويت بشكل كبي.
وقال العيسى في الهدف من رسالته إلى رئيس الوزراء بأن العقبة الأساسية تكمن أن في القطاع العام المكلف هو برئاسته غير قادر على أن يحقق أي إنجاز لأسباب متعددة وكثيرة مثل التضخم الكبير والبيروقراطية التي تعد الأطول على مستوى العالم، ووجود مؤسسات وهيئات وإدارات أُنشئت من دون الحاجة إليها، وفقط لتعيين أشخاص أكثر والمجاملة سياسياً في بعض الأحيان لخلق منصب، وهذه مسؤولية ونتاج العديد من الحكومات السابقة.
وأضاف: لا أتوقع من رئيس الوزراء أن يحقق لي شيئاً كمواطن عبر القطاع العام المكلف برئاسته هو، قبل أن يبدأ بإعادة هيكلة هذا القطاع ليكون مرناً يواكب 2024 والمستقبل والمتطلبات، وألا يعتمد على قطاع عام بُني على أسس غير سليمة لعقود طويلة من الزمن.
وأشار إلى أنه بادر كنائب سواء عبر الاقتراحات والتصريحات بتقديم أكثر من مبادرة لإعادة شكل وهيكلة القطاع العام، مثل اقتراح إلغاء منصب الوكيل المساعد الذي أُضيف على القطاع التنفيذي من دون حاجة له، وأن يتم الاكتفاء بمنصب الوكيل مع نائبين له مالي وفني، وتوزع الأعمال على المديرين لتكون حركة القرار أسرع وإبعاد الضغوط عن التركز على هذا المنصب.
واعتبر العيسى أن أولى الخطوات التي نتمناها من رئيس الوزراء هي أن يبادر إلى إلغاء 5 أو 6 هيئات في حد أدنى،ودمج 5 أو 6 هيئات أخرى، مشيراً إلى فرصة تاريخية لتنفيذ هذا الأمر بعدم وجود وكلاء مساعدين أو رؤساء هيئات معينين، وبالتالي لن تكون هناك مقاومة لهذا الأمر، أما لو تم التعيين فلن نحقق شيئاً.
ولفت إلى أن النقطة الثالثة في الإصلاحات الإدارية وإعادة هيكلة القطاع العام هي المضي بسرعة أكبر في رقمنة الخدمات والمؤسسات بنسبة 100 في المئة خلال سنتين إلى 3 سنوات، وسيجد رئيس الوزراء مجلس الأمة داعماً له، مبيناً أن رقمنة الخدمات ستبعد المواطن عن الواسطات واللجوء إلى النواب، وستغلق باب الفساد الإداري الذي يعتبر بوابة الفساد المالي.
وشدد على أن أفضل طريقة لإصلاح البلد إدارياً هي تقليل الاعتماد على البشر في إنهاء خدمات المواطنين، وترك الناس يتعاملون مع الخوارزميات والرقمنة والكمبيوتر، وعدم إجبار المواطن على الخروج من منزله والذهاب إلى مؤسسة حكومية كي ينهي خدمة أو معاملة، فرقمنة الخدمات ستجعل خدمات المواطنين أسرع، وكفاءة تطبيق القرارات والقوانين ستكون أعلى دقة، وفي الوقت نفسه الواسطات والمحسوبيات ستصبح من العدم.
وقال العيسى إن رئيس الوزراء الجديد مطلوب منه أن يصنع نصف مليون فرصة وظيفية للشباب الكويتي خلال 15 سنة، مشيراً إلى الاعتماد على القطاع العام حتى لو حسّنا فيه المستوى فلن يكون كافياً، ونحن بحاجة إلى تحول شامل في الهيكل الاقتصادي، ونحتاج إلى تحول الدولة بشكل تدريجي من قطاع تشغيلي تنفيذي إلى إشرافي رقابي.
وأشار إلى أننا نحتاج إلى تمكين القطاع الخاص، وأن تتحول الدولة من منافس للقطاع الخاص إلى شريك معه من خلال تمكينه من المشاركة بفاعلية أكبر في عمليات التشغيل اليومية، وكلما أعطي القطاع الخاص فرصاً أكثر كلما يجب أخذ ضرائب منه وإيرادات أعلى، فتنخفض التكاليف التشغيلية على الدولة وترتفع الإيرادات من خلال الضرائب، وفي الوقت نفسه ستسهم المنافسة في القطاع الخاص في تحسين مستوى الخدمات وصنع الوظائف للمواطنين.
وأكد العيسى أن المسؤول عن تحقيق هذه الرؤية لن يكون بالتأكيد القطاع العام بشكله الحالي، إنما من خلال صندوق (سيادة) الذي يتولى بشكل مباشر إعادة هيكلة القطاع.
وعن مدينة الحرير، قال العيسى إن الكويت تحتاج إلى إيرادات غير نفطية عملاقة، وإلى مشروع ضخم، فنحن ليس لدينا أي مشروع اقتصادي ضخم منذ تصدير أول شحنة نفط في الأربعينات، والكويت لم تعد قادرة على الاعتماد على مصدر واحد للدخل، والميزانية تحقق كل سنة عجوزات إلا في حالات استثنائية بسبب حروب خارجية لسنا طرفاً فيها لكنها تعود عليها إيجاباً.