الشطي والعثمان يستعرضان نماذج من أعمالهما في «تجارب قصصية»

نظمت اللجنة الثقافية بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الكويت ندوة ثقافية بعنوان «تجارب قصصية»، حاضَر فيها د. سليمان الشطي، والروائية ليلى العثمان، بمسرح كلية الآداب في المبنى الجنوبي، وقدَّمتها د. إيمان الشرهان، وسط جمع من الأدباء والمهتمين بشؤون الثقافة وطلاب وطالبات الكلية.

تناول د. الشطي النشاط القصصي في الستينيات، وما بعدها، وأشار إلى أن تجربته بدأت مبكراً عام 1962 بنشر قصته (الدفة)، ليأتي إسماعيل فهد إسماعيل (1940)، الذي بدأ تجربته القصصية بنشر مجموعة «البقعة الداكنة» عام 1966، وبعدها بعشر سنوات نشر «الأقفاص واللغة المشتركة»، واتجه جل نشاطه إلى الكتابة الروائية، مُتبعاً تقنية قصصية تعتمد على التداعي والتنقل السريع بين الأحداث والأزمان. أما سليمان الخليفي، فقد أصدر ثلاث مجموعات: «هدامة»، و«المجموعة الثانية»، و«الشارع الأصفر»، ثم روايتَي «عزيزة»، و«بيبان»، وتمتاز البنية القصصية عنده بالتركيز الشبيه بالشعر.

سليمان الشطي: «رجال من الرف العالي» واكبت التغيُّرات التي حدثت بالمجتمع الكويتي

وذكر د. الشطي أنه انضم إلى رَكْب كُتاب القصة الكاتب المسرحي عبدالعزيز السريع، الذي نشر عدداً من القصص المتميزة من خلال مجموعته (دموع رجل متزوج)، وفيها تأمُّل عميق بالأحداث اليومية البسيطة، فيما اتجه وليد الرجيب إلى محاولة إدهاش أو خلق صدمة للمتلقي، ليثير انتباهه، كما في عنوان مجموعته الأولى (تعلق نقطة تسقط… طق)، وفيها يكشف كيف أن الإنسان يعيش منمطاً.

ولفت إلى أن محمد العجمي اختار البُعد السياسي في مجموعتَيه (الشرخ)، و(تضاريس الوجه الآخر)، فيما لجأ حمد الحمد بعمله (مناخ الأيام) ومجموعته (عثمان وتقاسيم الزمان) إلى النظر في الأوهام الغيبية التي تخلق مفارقات عالم الجن، وبحث الخرافات عن كشف مغاليق الغيب.

وأوضح د. الشطي أن الدخول المتميز لمساهمة المرأة في فن القصة القصيرة والرواية جاء مع ليلى العثمان، التي تملك مخزوناً من الانتباهات إلى الزوايا العميقة والحساسة في تجربة المرأة، وقد امتازت بالقدرة على إعادة بعث هذا المخزون بطريقتين متعارضتين من حيث الظاهر، لكنهما متكاملتان، فثمة قدرة على كشف جماليات الحياة في المجتمع، والغوص في أعماق العلاقات الداخلية، ومعاناة المرأة، حيث تبدو المرأة في أدب العثمان غنية في عالمها الداخلي الثري في نبضاته المتفردة بتجربتها ونظرتها.

أعمال قصصية

وواصل د. الشطي عرضه للأعمال القصصية لكل من فاطمة يوسف العلي، وثريا البقصمي، وليلى محمد صالح، ومنى الشافعي، ثم انتقل إلى عرض تجربته القصصية الخاصة، التي بدأت بقصة «الدفة» عام 1962، وقد اعتمد في عرضه على شهادات النقاد الذين تناولوا أدبه: د. محمد حسن عبدالله، وإسماعيل فهد إسماعيل، والباحث عبدالكريم المقداد، الذي أشار إلى النزعة التجريبية عنده.

وأوضح أنه في محاولاته الأولى التي جمعها كتاب «الصوت الخافت»، تجلَّت صورتان، هما: بقايا ذكريات حياة البحر، والثانية المدينة التي تتساقط معالمها والتغيُّرات المجتمعية، وتمثلت هذه في قصص: الدفة، الشيء الجديد، حكاية مع الآخرين، الهاجس، والحطام، قصة رأت فيها د. نورية الرومي تقابل زمنين أو عصرين، وهما مدينتان متقابلتان تمثلان زمنين يتصارعان يرفض أحدهما السماح للآخر بالوجود معه.

وتابع د. الشطي أنه بعد إصدار مجموعة «الصوت الخافت» انصرف إلى الدراسة، ليعود بعد حصوله على الدكتوراه ويُصدر مجموعته الثانية (رجال من الرف العالي)، وهي مجموعة واكبت التغيُّرات التي حدثت في المجتمع الكويتي من اضطراب في الحركة النيابية، وصولاً للهيب الحرب العراقية- الإيرانية، وتتساقط في فناء الوطن قصة «بقعة زيت» بنزعة خوف وتحذير وتأكيد على البحث عن طريق للوطن الذي كانت تُحيط به الأخطار، ومن أبرزها بذور الإرهاب في قصة «خدر في مساحة وهمية»، التي قدَّمت نبوءة سوداء لأيام قادمة.

وانتقل للحديث عن مجموعته الثالثة (أنا… الآخر)، ومنها اتجه للحديث عن روايتَيه (صمت يتمدد)، و(الورد لك والشوك لي)، عارضاً تحليل عدد من النقاد لهاتين الروايتين، د. تركي المغيض، ود. سعاد العنزي، والكاتبة باسمة العنزي، ثم عرض شهادة ليلى العثمان في رواية «صمت يتمدد». وعرض كذلك رأي عدد من النقاد في الرواية الأخرى (الورد لك والشوك لي)، منهم: د. سعاد عبدالوهاب، ود. محمد سليم شوشة، باعتبارها رواية دالة على التحوُّل والإنجاز ومسيرة رحلة المرأة.

قامة مهمة

من جانبها، أعربت العثمان عن سعادتها بالمشاركة في الندوة والتقاء الطلبة، مضيفة: «كما أنني سعيدة لأن معي في الندوة قامة مهمة تتمثل في د. سليمان الشطي».

وتكلمت عن تجربتها الأدبية عبر القصة القصيرة، وتطرَّقت إلى قوانينها، وأهدافها، والمجموعات القصصية التي أصدرتها، وتمكنها من تطوير التجربة، لافتة إلى أنها التصقت بالقصة وأحبَّتها، وعبَّرت فيها عن كثير من المشاكل التي تعترض المجتمع الكويتي.

ليلى العثمان: مهما ذهبت إلى الرواية أرجع وأحن للقصة القصيرة

«الجريدة» سألتها: ماذا تفضلين، الرواية أم القصة القصيرة؟ فأجابت بأنها تحب القصة القصيرة، لكن الرواية تخدم الموضوع الذي تريد الكتابة عنه أكثر من القصة، مشيرة إلى أن القصة دائماً مكثفة، ولا تحتوي على شخصيات كثيرة مثل الرواية، والرواية تتعدد فيها الشخصيات، لكونها تأخذ وقتاً أطول في الكتابة، وتعبِّر عن الوضع العام والشيء التي تحسه فيه أكثر من القصة، موضحة أن القصة تعطي المعنى بسهولة، ومهما ذهبت إلى الرواية أرجع وأحن للقصة القصيرة.

تنافس بين الروائيين العرب

حول انتشار الرواية أكثر من القصة القصيرة بالساحة الأدبية في الوقت الحالي، قالت العثمان: «جاءت فترة طغت الرواية على القصة القصيرة، وبالتالي ذهب معظم الكُتاب إلى الرواية بشكل أكبر، لأن الجوائز صارت تُرصد لها، وأصبح هناك تنافس بين الروائيين في كل المنطقة العربية، فأخذت القصة القصيرة غفوة في هذه الفترة، وابتعدت عن الساحة، لكن حينما أسس الأديب طالب الرفاعي جائزة الملتقى للقصة القصيرة انتعشت مرة أخرى».

وعن آخر إصداراتها، ذكرت أنها صدرت لها العام الماضي مجموعة قصصية بعنوان «رجل مختلف»، مُعلِّقة: «مهما ذهبت إلى الرواية أرجع وأحن إلى القصة القصيرة، لأن القصة القصيرة هي عشقي الأول».

وحول ما تريد قوله للجيل الجديد الذي بدأ في الكتابة، قالت العثمان: «ظهر لدينا جيل جديد من الكاتبات القاصات اللاتي يكتبن القصة القصيرة، وتميزت منهن جداً باسمة العنزي، وجميلة سيد علي، وأيضاً ثريا البقصمي، التي لها خصوصية في كتابة القصة، ولها شخصية مميزة، من خلال خفة الظل التي تتضمنها قصصها، وأيضاً لدينا استبرق أحمد، وهي من أُوليات مَنْ كتبن القصة القصيرة من الجيل الجديد، وكانت متميزة. لدينا الكثير من الأسماء، ولا أريد أن أنسى أحداً منهن، لأن معظمهن عزيزات عليَّ، وقد أبدعن في الكتابة».

 

المصدر: الجريدة
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments