السرطان: هل صرنا معرّضين للإصابة في سنّ مبكرة؟ وما السبب؟

شكل إعلان الأميرة كيت ميدلتون عن إصابتها بالسرطان، وهي في الـ42 من العمر، صدمة لكثيرين.

لم يتوقع أحد أن يكون غياب أميرة ويلز عن الأنشطة العامة، لبضعة أشهر، متعلقاً بإصابتها بورم خبيث، وكثرت الشائعات حول بتواريها عن الأنظار، بعد الإعلان عن إجرائها جراحة في البطن.

وبعد أسابيع من التكهنات، وجدت نفسها مجبرة على الظهور في تسجيل فيديو، وتقديم إجابات للقلقين حول العالم.

ومنذ إعلان الأميرة الشابة إصابتها بالمرض، أعاد كثيرون الحديث عن دراسة نشرت في سبتمبر/أيلول الماضي، في المجلة الطبية البريطانية، أكدت ارتفاع معدل الإصابة بالسرطان في مرحلة مبكرة من العمر، أي قبل بلوغ الخمسين عاماً، على مستوى العالم، بنسبة 79.1 بالمئة بين عامي 1990 و2019.

ولم تكن هذه الدراسة الوحيدة التي أكدت ازدياد تشخيص حالات السرطان في عمر مبكر، إذ أشارت دراسة أخرى نشرت في مجلة “ذا لانسيت” الطبية المُحكّمة، إلى أن السرطان كان رابع أكثر الأسباب شيوعاً للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و39 عاماً خلال العام 2019 حول العالم.

هل السمنة هي السبب؟

ويعاني من مرض السمنة حوالي 39.8 بالمئة من البالغين الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عاماً، بحسب “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” في البلاد.

وأكدت الدراسة أن نصف حالات السرطان المرتبطة بالسمنة، أصبحت أكثر شيوعاً بين الشباب، مقارنة بواحد من كل تسعة أنواع سرطان غير مرتبطة بالسمنة.

ويجمع الخبراء على أن استهلاك الكثير من الأطعمة المصنعة، وعدم ممارسة الرياضة بشكل كافٍ، وشرب الكحول بانتظام، كلها عوامل تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

ويرى المختصون أن انتشار هذه العوامل، زاد بفعل نمط الحياة الحديثة، مما قد يفسر بدء إصابة من هم دون الخمسين عاماً بهذا المرض، في السنوات القليلة الماضية.

ويقول الدكتور دانيال هوانغ، اختصاصي أمراض الكبد في جامعة سنغافورة الوطنية، لمجلة “نيتشر” الطبية البريطانية، إن هذه العوامل ليست كافية لتفسير زيادة التشخيص بأمراض سراطنية في سن مبكرة.

ويضيف: “افترض كثيرون أن أشياء مثل السمنة واستهلاك الكحول قد تفسر بعض النتائج التي توصلنا إليها. ولكن يبدو أننا بحاجة إلى الغوص بشكل أعمق في البيانات”، لفهم الصورة الكاملة.

وبالفعل، يصاب الكثير ممن يأكلون طعاماً صحياً ويمارسون الرياضة ولا يعانون من السمنة، وعمرهم أقل من 50 عاماً، بالسرطان. فما تفسير ذلك؟

منذ تشكّل الجنين؟

ووجدت دراسة نشرت قبل عام على موقع “المكتبة الوطنية الأمريكية للطب”، أن بعض الميكروبات المعوية يمكن أن تتسبب بالسرطان، إذ يمكنها أن تعمل كمحفزات أو مثبطات للمرض.

وعلى الرغم من ارتباط ذلك جزئياً بالطعام الذي نأكله، إلا أنه مرتبط أيضاً بالميكروبات والفيروسات التي نتعرض لها، مثل بكتيريا هيليكوباكتر بيلوري، وفيروس التهاب الكبد بي وسي، وفيروس الورم الحليمي البشري، بحسب الدراسة نفسها.

فيما يشير أخصائيون آخرون إلى أن الاضطرابات في تكوين الميكروبيوم (بكتيريا الأمعاء النافعة)، قد لا تنتج عن التغيرات الغذائية فحسب، بل جراء تناول المضادات الحيوية أيضاً، لكن الأبحاث حول إمكانية تسبب المضادات الحيوية بالسرطان مستمرة ونتائجها غير نهائية.

وأشارت إلى أن الباحثين بحاجة إلى جمع بيانات تشمل فترة ما بين 40 إلى 60 عاماً على الأقل، تشمل آلاف الأشخاص، للحصول على عينة كافية تسمح بالوصول إلى استنتاجات حول الإصابة المبكرة بالسرطان.

وتدير كون مستودعاً هائلاً من البيانات وعينات الدم التي جمعت من حوالي 20 ألف أم حامل، منذ عام 1959. وقد تابع الباحثون حالات العديد من المشاركات وأطفالهن، منذ ذلك الحين.

وقد حاولت كون وكيتلين مورفي، عالمة الأوبئة في “مركز العلوم الصحية بجامعة تكساس في هيوستن”، البحث عن عوامل مسببة للسرطان في بداية ظهوره.

ومن جهتها، تقول الدكتورة كيمي إنج من “جامعة هارفارد”، إن بعض العوامل البيئيةالتي يتعرّض لها الأفراد، في فترة مبكرة جداً من حياتهم، قد تلعب دوراً بإصابتهم لاحقاً.

تختص إنج بالجهاز الهضمي، وتبحث في سبب زيادة إصابة من هم دون الخمسين حول العالم بالسرطان. وتركز في فرضيتها الرئيسية على ما يتعرّض له الأشخاص في الرحم، أو في مرحلة الرضاعة، أو أثناء الطفولة، وكيفية ارتباط ذلك بإصابتهم بالسرطان في سن مبكرة.

وتشير في مقال منشور على موقع المجلة الخاصة بالجامعة، إلى ورقة بحثية نشرت حديثاً، وحظيت نتائجها باهتمام كبير، حول إمكانية ارتباط جزئيات البلاستيك (مايكرو بلاستيك) بالإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي.

فيما تشير “جمعية السرطان الأمريكية”، إلى أن نمط الحياة قد يلعب دوراً بالإصابة بالسرطان، إلى جانب التعرّض لعوامل بيئية منها غاز الرادون، وتلوث الهواء، والمواد الكيميائية في مكان العمل، أو الإشعاع أثناء الاختبارات أو الإجراءات الطبية.

هل الوقاية ممكنة؟

بحسب “جمعية السرطان الأمريكية”، يتم تشخيص إصابة حوالي 80 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عاماً بالسرطان كل عام في الولايات المتحدة.

وتشير إحصائيات من دول أخرى حول العالم إلى اتجاه مماثل في ارتفاع عدد الإصابات بالسرطان لدى الفئة العمرية عينها.

وفي ظلّ انعدام اليقين الطبي، وعدم وصول الأبحاث العلمية إلى نتائج حاسمة، هل هناك سبل للوقاية من السرطان أو على الأقل تخفيف احتمال إصابتنا ببعض الأنواع منه؟

تُجمع الهيئات العلمية والطبية كافة، على خطوات يمكن اتباعها للتخفيف من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، أبرزها:

رغم تعدّد النظريات حول أسباب ارتفاع نسب الإصابة بالسرطان في سن مبكرة، تبقى النظرية الأكثر تداولاً متعلقة بنمط الحياة.

وفي مقارنة ملفتة للانتباه، قام كل من الدكتور شوجي أوجينو والدكتور توموتاكا أوغاي من “جامعة هارفارد”، بمراجعة ومقارنة البيانات من جميع أنحاء العالم، لمساعدة الأطباء والعلماء على فهم ما يحدث.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments