يقول نادي الهلال السوداني لكرة القدم إنه سيواصل اللعب لكي “يُلهي” السودانيين في الداخل، بعد مرور نحو عام على اندلاع الحرب الأهلية في البلاد.
وقد أسفر الصراع عن مقتل أكثر من 14 ألف شخص، ونزوح نحو ثمانية ملايين آخرين من منازلهم، فيما تحذر الأمم المتحدة مما تقول إنها أضخم أزمة جوع في العالم.
وفي ظل هذه الأوضاع، توقّف الدوري المحلي السوداني، لكن نادي الهلال – أحد أكثر أندية كرة القدم نجاحا في البلاد – اهتدى إلى طريق لمواصلة الوجود في الملاعب.
وتوصّل الهلال السوداني إلى اتفاق مع الاتحاد التنزاني لكرة القدم لكي يشارك في الدوري الممتاز في تنزانيا بداية من أغسطس/آب المقبل.
“مبارياته ستكون وديّة”
وفي ذلك يقول حسن علي: “لقد فضّلنا تنزانيا لأن كرة القدم هناك متقدمة كثيرا وتنافسية، فضلاً عن أننا نريد الاستعداد بشكل جيد للمنافسة المقبلة على مستوى القارة السمراء”.
وكانت معرفة نادي الهلال بتنزانيا من بين العوامل التي جعلته يفضّل هذا البلد على سواه، ففيه أقام معسكره في أثناء بطولة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم والتي ودّعها الهلال من دور المجموعات.
وأضاف نديمبو لبي بي سي: “سيكون الهلال ضمن جدول المباريات، لكن نتائج المباريات التي سيلعبها لن تضاف إلى نتائج الدوري الممتاز التنزاني”.
وتابع نديمبو: “الهدف هو تقديم المساعدة لهم بينما تعيش بلادهم أوضاعا كارثية، كما نرى في ذلك أيضا جوانب إيجابية، حيث سيحظى الدوري التنزاني بالمتابعة من أماكن مختلفة ما يزيد من شعبيته ويُسهم في زيادة دخل الأندية المحلية”.
كما سيساعد اللعب في تنزانيا نادي الهلال السوداني على تجنُّب وقوع هجرة جماعية بين صفوف لاعبيه قُبيل البطولة الأفريقية القادمة.
وتضم قائمة نادي الهلال، الذي يتخذ من أم درمان مقراً له، نحو عشرة لاعبين أجانب في الوقت الحالي.
وأضاف موسى لبي بي سي: “إنهم في حاجة إلى نوع ما من المشاركة التنافسية بحيث يمكنهم الاستعداد لمنافسات دولية، وهو ما قد يكون أمراً صعبا دون المشاركة في منافسات الدوري”.
منفى بسبب الحرب
يعدّ قرار الهلال بأن يتخذ مقراً له خارج السودان واقعاً يعايشه كثير من السودانيين، ممن أُجبروا على الخروج من ديارهم بعد اندلاع الحرب الأهلية في أبريل/نيسان الماضي.
ويقول الأمين العام للنادي حسن علي: “هي الحرب، دائما تؤثر بالسلب. ها نحن في المنفى، والفريق يلعب في ظروف بالغة الصعوبة – حالة حرب – بعيدا عن عائلاتهم”.
ويتابع الأمين العام للنادي: “أمّا على المستوى المالي، فقد خسرنا الكثير من مواردنا، بما في ذلك عائدات المنافسة الأفريقية. لكننا عازمون على الاستمرار رغم الحرب، على أمل أن نعود ذات يوم إلى ملعبنا وجماهيرنا”.
ولا يزال من غير المعلوم، متى تعود كرة القدم الاحترافية للسودان، في ظل تناحُر الفرقاء العسكريين على السلطة.
ولكن حتى لو انتهت الحرب الآن، فلن يكون في مقدور الهلال أن يستخدم ملعبه الذي جرى تجديده في عام 2018.
ويتذكر حسن علي قائلا: “قبل الحرب استوردنا معدات إنارة حديثة من إسبانيا، وقد نُهبت كلها”.
ويضيف الأمين العام للنادي: “أرضية الملعب تحتاج إلى إعادة تأهيل. مكاتبنا، كل هذه الأشياء، تعرضت لأضرار خطيرة”.
وعلى خُطى الهلال، يبحث المريخ السوداني – أقدم نادي في البلاد – عن مستقَرّ جديد.
وبالفعل، تلقّى المريخ ردوداً إيجابية من كل من تنزانيا، ليبيا، أوغندا، كينيا وغانا.
وقد علمت بي بي سي، أن المريخ سيستقرّ هو أيضا في تنزانيا.
وبينما استطاع أضخم ناديين في البلاد أن يجدا مخرجاً من الصراع وأن يواصلا اللعب، اضطرت غالبية أندية كرة القدم في السودان إلى تسريح لاعبيها منذ توقف الدوري المحلي.
ويقول عبد القادر موسى، المحلل المختص بكرة القدم السودانية إن “نحو 15 من الأندية الأخرى أصبحت خارج الخدمة تماما”.
ونتيجة لذلك، يبحث الكثير من اللاعبين عن فرص في أماكن أخرى.
وهاجر عدد كبير من اللاعبين السودانيين إلى ليبيا، التي استأنفت نشاطها الكروي في عام 2021 بعد أن كان معلّقا في أثناء الحرب الأهلية على مدى ستة أعوام.
ويقول عبد القادر موسى: “سمح الاتحاد الليبي لكرة القدم لكل نادٍ بالتوقيع مع لاعبَين اثنين سودانيين واعتبارهما حاصلين على الجنسية الليبية بدلا من معاملتهما كمحترفين أجنبيين”.
ويوضح موسى: “هذه العقود ليست لمدة عامين أو ثلاثة أعوام، ولا تحوي عروضا مادية ضخمة”.
“الحل الوحيد”
يعدُّ جون مانو أحد اللاعبين الذين وجدوا طريقهم إلى ليبيا، منضماً إلى نادي الصداقة على سبيل الإعارة من الهلال السوداني.
وتُعتبر الرواتب في شمال أفريقيا أقلّ مما يحصل عليها اللاعبون السودانيون في بلادهم. ورغم ذلك يحرص المهاجم مانو على الاستمرار في اللعب رغم الضغوط النفسية التي يعانيها جرّاء ذلك، بينما عائلته تفتقر إلى الأمان في الوطن.
يقول مانو: “أي لاعب في ليبيا سيذهب إلى التمرين أو إلى المباراة، وسينهي يومه بمشاهدة الأخبار عن السودان”.
ويضيف لبي بي سي: “اللاعبون يحتاجون إلى راحة نفسية لكي يبدعوا. نعم، هناك شيء من الدعم، لكن يجب علينا أن نكون هنا حتى يجد أهلُنا ما يأكلونه”.