التغير المناخي: محيطات العالم تعاني من “ارتفاع قياسي” في درجات الحرارة هذا العام

حطمت درجات حرارة المحيطات حول العالم أرقاماً قياسية يوما بعد يوم على مدار العام الماضي، مدفوعة في ذلك بالتغير المناخي.

وعلى مدى 50 يوما متتالية، تحطمت أرقام قياسية للمرة الأولى في هذا الوقت من العام، مقارنة بأعوام سابقة، بفارق هو الأكبر منذ بداية الرصد باستخدام الأقمار الاصطناعية.

ويلقي الباحثون أكبر اللوم في ارتفاع درجات حرارة المحيطات على ما يُعرف بالغازات الدفيئة، لكن الظاهرة المعروفة باسم “إل نينو” أسهمت أيضا بنصيب في هذا المضمار.

وأضرّ ذلك الارتفاع في درجات الحرارة بالحياة البحرية، وتمخّض عن موجة جديدة مما يعرف بـ “ابيضاض الشعاب المرجانية”.

ولم تشهد الأشهر الأخيرة هُدنة على صعيد هذا الاحترار؛ ليسجل متوسط الارتفاع اليومي لحرارة سطح مياه المحيطات حول العالم 21.09 درجة مئوية في فبراير/شباط ومارس/آذار من العام الجاري، وفقاً لبيانات خدمة كوبرنيكوس.

ولم يحدث أبدا منذ تسخير الأقمار الاصطناعية في الرصد، أن سُجّل هذا الفارق الضخم في درجات الحرارة للأيام ذاتها في أعوام مختلفة.

وكانت الأيام الأعلى في هذا المضمار هي: 23 أغسطس/آب 2023، و3 يناير/كانون الثاني 2024، و5 يناير/كانون الثاني 2024؛ حيث سجلت تلك الأيام ارتفاعا عن مثيلاتها في الأعوام السابقة بنحو 0.34 درجة مئوية.

ويضيف ميريديث بأن “هذه إشارات ملموسة على أن البيئة تسير قُدما إلى مناطق لا نرغب في الذهاب إليها، وإذا استمرّ السير على نفس الطريق وبنفس الوتيرة فستكون الآثار وخيمة”.

آثار ضخمة على الحياة البحرية

لهذا الارتفاع في درجة حرارة المحيطات، الذي تسبب فيه الإنسان، آثار ملموسة على الحياة البحرية حول العالم، وقد تصل تلك الآثار في مداها إلى تغيير الدورة الموسمية لدرجات حرارة البحر، بحسب دراسة جديدة.

وربما كان الأثر الأكبر للارتفاع الأخير في درجة حرارة المحيطات هو ابيضاض الشعاب المرجانية بأعداد كبيرة حول العالم.

وكان لارتفاع درجة حرارة المحيطات أثراً مباشرا على واحد من أجمل الكائنات البحرية في القارة الأكثر برودة – وهو البطريق الإمبراطور.

ويشير الباحث ميريديث إلى “أمثلة لذوبان جليد البحار قبل أن تستوفي فراخ بطريق الإمبراطور حظّها من النمو، فضلا عن أمثلة لحوادث غرق جماعية”.

ويلفت ميريديث إلى أن “البطريق الإمبراطور هو من الأنواع المهددة بالانقراض في ظل تغيّر المناخ وآثاره، لا سيماّ ذوبان الجليد وارتفاع درجات حرارة المحيطات”.

وفي المملكة المتحدة، تمخض ارتفاع درجة حرارة البحر عن اختفاء عدد الكائنات البحرية تماما من مواقع ساحلية – ومن هذه الكائنات على سبيل المثال: محار البرنقيل.

آثار ظاهرة “إل نينو”

أحد أهم العوامل التي جعلت العام الماضي أكثر تأثيرا على صعيد البحار حول العالم، كانت ظاهرة “إل نينو”، والتي أضافت بدورها إلى انبعاثات غازات الدفيئة التي يتسبب فيها الإنسان.

وفي ظاهرة إل نينو، تصعد المياه الأكثر دفئاً إلى سطح المحيط الهادئ، ونتيجة لذلك، تتجه معدلات درجات حرارة العالم إلى الارتفاع.

لكن أحواضا محيطية أخرى، لا تتأثر في العادة بظاهرة إل نينو، سجّلت موجات حرارة بحرية بمعدلات قياسية – تاركة الباحثين وهم يحاولون فَهم حقيقة ما يجري بالضبط.

ولا تزال هذه الحرارة قائمة في عدد من الأحواض المحيطية، ومن بينها تلك المناطق الاستوائية من المحيط الأطلسي.

وتمدّ هذه البحار الأكثر دفئاً الأعاصير الاستوائية بمزيد من الطاقة، وهذا من شأنه أن يساعد في تعزيز الفرصة أمام موسم جارف من الأعاصير.

وإلى جانب تلك الآثار قصيرة المدى، يحذر الباحثون من تبعات ذات مدى طويل سيكون على المجتمع أن يتكيف معها.

ومن المرجح أن تشهد القرون المقبلة ارتفاعاً في منسوب مياه البحار، وذلك نتيجة لاستمرار ظواهر مثل ذوبان الطبقة الجليدية وارتفاع درجات الحرارة في أعماق المحيطات.

تقول أنغليك ميليت، الباحثة لدى ميركاتور أوشن إنترناشيونال: “عندما نتحدث عن التغير المناخي، نميل إلى اختزال التغيرات في السطح حيث نعيش؛ بينما لأعماق المحيطات آثار قد تمتدّ لمئات وربما لآلاف السنين على صعيد التغيّر المناخي”.

وتستدرك ميليت قائلة: “على أن تلك الآثار الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة في أعماق المحيطات لا يجب أن تُثنينا عن محاولة الحدّ من الانبعاثات الكربونية”.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments