في جولة الصحافة لهذا اليوم، نسلّط الضوء على تراجع السياسات المناخية، خاصة مع قدوم إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وما رافق ذلك من إنكار لواقع التغير المناخي، كما نتوقف عند المنافسة المحتدمة بين حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري في تركيا، والتي وصلت إلى ذروتها باعتقال رئيس بلدية إسطنبول، ونختتم جولتنا بتقرير يرصد كيف بدأ سكان المناطق الريفية في الصين بالاعتماد على روبوتات الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية.
نبدأ من مقال لهيئة التحرير في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية حول كيفية تعامل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مع تغير المناخ وانبعاثات الكربون.
تقول الصحيفة إن ترامب سخر من اللوائح التنظيمية الخاصة بانبعاثات الكربون، وأضعف الهيئات المسؤولة عن تطبيقها، في حين تعهّد مدير وكالة حماية البيئة آنذاك، لي زيلدين، بإلغائها بالكامل، وقد بررت الوكالة هذه الخطوات بأنها ستدعم “العودة لأمريكا العظيمة”، ووصفت اللوائح بأنها عبء على الاقتصاد.
لكن الصحيفة ترى أن هذا الطرح يعكس سوء فهم جوهري لسياسات المناخ، فالمواجهة الحقيقية لتغير المناخ لا تقتصر على فرض قيود وتنظيمات، بل تتطلب بناء البنية التحتية الجديدة، وهو ما يمكن أن يحفّز الاقتصاد ويخلق فرص عمل.
لكن، للأسف – بحسب المقال – اتخذ ترامب مساراً مغايراً، أوقف من خلاله مشاريع الطاقة المتجددة على الأراضي الفيدرالية، وسعى إلى إلغاء منح مالية صُرفت لدعم هذه المشاريع، كما جُمّد تمويل إنشاء محطات شحن للسيارات الكهربائية، وتزايدت القيود الجمركية التي تحدّ من إمكانية استيراد المعدات اللازمة لمشاريع الطاقة النظيفة.
وتحذّر الصحيفة من أن اعتبار الطاقة النظيفة فكرة تقدمية هو تفكير قصير النظر، يؤدي إلى تفويت فرص اقتصادية وتكنولوجية كبيرة، في وقتٍ تحتاج فيه البلاد إلى كل الحلول الممكنة.
“التدهور الاقتصادي يتقاطع مع طموحات إردوغان بإحياء العودة العثمانية الثانية”
ويقول الكاتب أن المعارضة التركية رأت في الاعتقال تحركاً سياسياً يستهدف إقصاء إمام أوغلو من السباق الرئاسي المقبل، خاصة مع كون المعتقلين الآخرين من المحسوبين عليه، مثل مراد أونغون مستشاره، ومراد جاليك، رئيس بلدية بيليك دوزو، ورسوم عمرة شاهان، رئيس بلدية شيشلي.
ووفق وصفه، فإن هذه الاعتقالات عُدّت بمثابة “انقلاب على الديمقراطية”، في ظل تعقيدات سياسية واقتصادية متزايدة تهدد استقرار البلاد.
ورأى العبيدي أن الصراع السياسي في تركيا لا يقتصر على المواجهة بين الحزب الحاكم والمعارضة، بل يشمل أيضاً صراعات داخلية في كلا الحزبين، على مستوى القيادات الوسطى.
وأشار الكاتب إلى اتهامات متبادلة باستخدام المال السياسي واستغلال النفوذ، معتبراً أن اعتقال إمام أوغلو ومحاميه يعدّ “سابقة توحي بتسييس القضاء، كما وصفها بعض المراقبين”.
وأضاف العبيدي أن ما وصفه بـ”فوبيا إمام أوغلو” بدأت منذ خسارة حزب إردوغان بلدية إسطنبول في انتخابات سابقة، ما شكل هزيمة سياسية مدوية للحزب.
وذكر أن محاولات استعادة المدينة باءت بالفشل في انتخابات عام 2024، التي فاز بها إمام أوغلو مجدداً بنسبة 51.14 في المئة، وهو ما جعل منه، حسب تعبير الكاتب، التهديد الأكبر لحكم إردوغان وحزبه.
كما أشار العبيدي إلى أن المظاهرات التي اندلعت لم تخلُ من تحشيد واسع، واستخدام أدوات تضليلية كصور مفبركة عبر الذكاء الاصطناعي تُظهر شخصيات عالمية مثل بيكاتشو والجوكر وكأنهم يشاركون في الاحتجاجات.
لكنه شدّد على أن ذلك لا يُنكر حقيقة خروج مظاهرات ضخمة في معظم المدن التركية رفضاً للاعتقالات وتقييد الحريات.
وأكد أن هذا التدهور الاقتصادي يتقاطع مع طموحات الرئيس أردوغان بإحياء ما يسميه “العودة العثمانية الثانية”.
ولفت العبيدي إلى أن الخطابات المتكررة لأردوغان بشأن “إرث الأجداد” في الإمبراطورية العثمانية تُثير حفيظة خصومه السياسيين في الداخل قبل الخارج، واعتبر الكاتب أن هذه التصريحات تقوم على مغالطات تاريخية، لا تعكس واقع تركيا الحديث.
وأكد الكاتب أن تركيا لن تعود إلى الحقبة العثمانية تحت أي شعار، لا لاعتبارات إقليمية ولا دولية، ولا حتى بسبب غياب الحنين لتلك الحقبة في معظم الدول التي كانت جزءاً من الإمبراطورية.
ودعا، الساسة الأتراك إلى معالجة أزمات البلاد بروح واقعية، بعيداً عن أوهام الماضي، محذراً من أن المضي في هذا النهج قد يؤدي إلى تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية لصالح حزب الشعب الجمهوري، الذي تزداد شعبيته باعتباره البديل لما وصفه بـ”العثمانيين الجدد”.
الصين: تشجيع القرويين على استخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي
ويشير تشين إلى أن سكان القرى بدأوا يدركون الفائدة الكبيرة التي تقدمها روبوتات المحادثة الذكية، سواء في تقديم نصائح حول تربية الخنازير أو إرشادات لمكافحة الآفات الزراعية.
ويضيف أن انتشار الإنترنت على نطاق واسع، إلى جانب توفر الهواتف الذكية، جعل سكان الريف – الذين يشكلون نحو ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة – أكثر قابلية لتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، لاسيما في مجالات الزراعة والحياة اليومية.
كما يوضح تشين أن شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين، مثل علي بابا وتينسنت، سارعت إلى تطوير روبوتات دردشة سهلة الاستخدام لتسهيل دخول الذكاء الاصطناعي إلى الحياة اليومية، مشيراً إلى أن علي بابا وقعت شراكة استراتيجية مع حكومة مقاطعة تشجيانغ بهدف تقليص الفجوة التنموية بين الريف والحضر من خلال هذه التقنيات.
وفي السياق ذاته، يقول تشين إن روبوتات المحادثة مثل Yuanbao من تينسنت، وTongyi من علي بابا، ودابو من ByteDance، باتت تجتذب أعداداً متزايدة من المستخدمين، بما في ذلك سكان المناطق الريفية، وذلك بفضل سهولة استخدامها وتنوع المهام التي تقدمها.
وبحسب تشين، فقد ظهرت إعلانات في أنحاء البلدة تحث السكان على تنزيل تطبيق “تينسنت يوانباو”، بهدف دمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية.
وينقل تشين عن رئيس القرية قوله إن روبوت المحادثة أصبح جزءاً من روتين السكان، حيث يستخدمونه في تحديد أنواع النباتات والحيوانات، ومراجعة الوثائق، والحصول على معلومات حول الإعانات الحكومية، وطلب المشورة في الزراعة وتربية الحيوانات، وحتى إعداد مواد دعائية لمشاريع التجارة الإلكترونية المحلية.
ويختم تشين بالإشارة إلى أن تينسنت شكّلت فريقاً متخصصاً أطلق حملة بعنوان “الذكاء الاصطناعي يتجه نحو المناطق الريفية”، مؤكدًا على لسان أحد موظفي الشركة أن ميزات مثل التعرف على الصور والتفاعل الصوتي ساعدت بشكل كبير في تجاوز العقبات التي كانت تحول دون استخدام المزارعين للتكنولوجيا.