اكتشاف لوحات أثرية جديدة في مدينة بومبي الرومانية القديمة

كشف علماء الآثار عن أعمال فنية رائعة خلال أعمال تنقيب جديدة في مدينة بومبي، المدينة الرومانية القديمة التي دُفنت على إثر ثوران بركان جبل فيزوف عام 79 ميلاديا.

ويقول علماء الآثار إن اللوحات الجدارية المكتشفة تُعد من بين أفضل اللوحات التي أمكن العثور عليها في أنقاض الموقع القديم.

وتصور اللوحات شخصيات يونانية أسطورية، مثل هيلانة الطروادية، على جدران سوداء عالية في قاعة الولائم الكبيرة.

كما تكسو أرضية القاعة فسيفساء شبه كامل يضم أكثر من مليون بلاطة بيضاء.

وقال زوتشتريجيل: “انت اللوحات تنبض بالحياة تقريبا بفعل الضوء المتلألئ”.

وتعد القاعة السوداء أحدث كنز يُكتشف في أعمال التنقيب، التي بدأت قبل 12 شهرا، وهو تحقيق سيُعرض لاحقا في حلقات وثائقية لبي بي سي و”ليون تي في” خلال شهر أبريل/نيسان.

كما تجري أعمال تنظيف مبنى سكني وتجاري واسع، يُعرف باسم “المنطقة 9″، ورفع عدة أمتار من الرماد الذي ألقاه فيزوف قبل نحو 2000 عام.

أما بالنسبة للوحات الجدارية التي يجب أن تظل في مكانها، فيستعين على الخبراء حقنها بمادة لاصقة من الجبس في الجزء الخلفي منها منعا لانفصالها عن الجدار، فضلا عن دعم البناء بالسقالات ووضع الأسقف المؤقتة على القمة.

وكانت كبيرة المرممين، روبرتا بريسكو، قد أمضت يوم الثلاثاء الماضي في محاولة لمنع قوس من الانهيار.

وقالت: “المسؤولية هائلة، انظروا إليّ”، كما لو كانت تشير إلى أن الضغط النفسي كان له تأثير واضح عليها.

وسلطت المنطقة 9 الضوء على قصص وأسرار جديدة بالنسبة لعلماء الآثار.

كانت أعمال التنقيب في أواخر القرن التاسع عشر قد كشفت عن وجود مغسلة في إحدى الأركان، بيد أن أعمال التنقيب الجارية كشفت عن وجود مخبز للبيع بالجملة بجوار المغسلة، بالإضافة إلى مقر سكني كبير بقاعته السوداء.

ويرجح فريق الأثار بثقة إمكانية ربط المناطق الثلاث ماديا عبر أنابيب المياه وممرات معينة، وأيضا من حيث ملكيتها.

ويوجد بعض التلميح إلى هوية هذا الشخص المالك في العديد من النقوش موقعة بالأحرف الأولى”ARV” ، وتظهر الحروف على الجدران وحتى على أحجار الرحى في المخبز.

وأضافت: “نعرفه من خلال الدعاية السياسية الأخرى في بومبي أنه سياسي، وشديد الثراء، ونعتقد أنه ربما يكون مالك المنزل الفاخر الواقع خلف المخبز ومغسلة الملابس”.

بيد أن الواضح أن جميع العقارات كانت تخضع لأعمال تجديد وقت ثوران البركان.

هرب العمال وتركوا بلاط السقف مكدسا بشكل منظم، ولا تزال أوانيهم من الملاط الجيري مملوءة في انتظار استخدامها، وبقيت موالج البناء والمعاول الخاصة بهم في مكانها، على الرغم من أن المقابض الخشبية تعفنت منذ فترة طويلة.

استطاعت خبيرة الآثار، ليا تراباني، تسجيل وفهرسة كل شيء بدءا من أعمال التنقيب.

تصل تراباني إلى واحد من آلاف الصناديق أو أكثر التي تضم قطعا أثرية موجودة في مخزنها وتسحب من صندوق قطعة مخروطية قصيرة فيروزية اللون.

وتقول: “إنه ميزان رصاص رأسي، تماما مثل عمال البناء اليوم، كان العمال الرومان يستخدمونه لضبط ومحاذاة الأسطح الرأسية”.

أراد عالم الآثار، أليساندرو روسو، أن يعرض أمامنا لوحة جدارية للسقف استُخرجت من إحدى الغرف، وكانت قد تحطمت خلال ثوران البركان، ووضع قطع الجدارية المستخرجة، في وضع بانورامي، على طاولة كبيرة.

رش روسو القطع المصنوعة من الجص برذاذ الماء، كي يجعل تفاصيلها وألوانها الزاهية أكثر وضوحا.

يمكنك رؤية مناظر طبيعية برموز مصرية، وأطعمة وزهور، وبعض الأقنعة المسرحية.

وأوضح: “هذا هو اكتشافي المفضل خلال أعمال التنقيب هذه لأنه اكتشاف معقد ونادر، عالي الجودة بالنسبة لشخص رفيع المستوى”.

وإذا كان من الممكن وصف اللوحة الجدارية لسقف المبنى الكبير بأنها رائعة، فإن بعض ما يكشف عنه المخبز يبرز جانبا أكثر وحشية من الحياة الرومانية، ألا وهو العبودية.

كما اكتشف العلماء في المخبز أيضا هياكل عظمية خلال أعمال التنقيب، إذ سُحق شخصان بالغان وطفل بسبب سقوط الحجارة عليهم، ويعتقد العلماء أنهم ربما كانوا من العبيد حوصروا في المكان وعجزوا عن الفرار من ثوران البركان، إنه مجرد تخمين.

وقال عالم الآثار المشارك، جينارو إيفينو: “خلال أعمال التنقيب، نتساءل عما نشاهده”.

وأضاف: “الأمر أشبه إلى حد كبير بخشبة المسرح، أمامك مشهد، وخلفية، والجاني هو جبل فيزوف. يجب أن يكون عالم الآثار لديه القدرة على ملء الفراغات، وسرد قصة الممثلين المفقودين، والعائلات والأطفال، والناس الذين ماتوا هناك”.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments