أحمد درويش: تشابه بين فرانكوفونية ديغول ومنهج عبدالعزيز البابطين

في ختام الجلسات الأدبية لـ «دورة الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين»، أقامت مؤسسة البابطين جلستين احتفاءً بالشاعر الراحل عبدالعزيز البابطين، على خشبة مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي.

في الجلسة الثالثة، تحدَّث د. أحمد درويش من مصر، ود. عبدالرحمن طنكول من المغرب، وأدارها د. عارف الساعدي من العراق.

في المستهل، تحدَّث د. درويش عن «خدمة اللغة العربية، وتفعيل الحركة الشعرية وحفظ تراثها في مشروع عبدالعزيز سعود البابطين الثقافي»، وتناول بعض القضايا المهمة في هذا المشروع.

وأوضح دور البُعد الزماني في إنضاج المشروع الثقافي عند البابطين، الذي اتسم بميزتين، هما: وضوح الهدف، ومرونة الأداء، ثم تناول البحث الفائدة الثقافية التي يقدمها هذا المشروع، ولعل أهمها تجربة تعريب جمهورية جزر القمر.

وأشار بحث درويش إلى التشابه بين منهج الفرانكوفونية الذي طرحه الجنرال ديغول والمنهج الذي طرحه عبدالعزيز البابطين. وتطرَّق أيضاً إلى فكرة إصدار معاجم البابطين، التي تُعد من الملامح المهمة في هذا المشروع الثقافي.

وفي الشق الثاني من الجلسة، والذي رصد «مشروع عبدالعزيز سعود البابطين الفكري في ضوء الدراسات الثقافية وطروحات ما بعد الحداثة»، تحدَّث د. طنكول عن ملامح التقاطع بين الرؤية الفكرية لعبدالعزيز البابطين، وبين ما تقول به الدراسات الثقافية، مشيراً إلى أن معاشرة عبدالعزيز البابطين لأجيال عدة فجَّرت عنده طاقة هائلة لاستيعاب الأفكار الجديدة وبلورتها في قوالب منسجمة مع قناعاته ورؤاه.

وذكر طنكول أن «الشعر هو الشكل الأسمى للفكر، فلا قيمة للفكر من دون خيال، ولا قيمة للشعر من دون عقل، لذلك يحق لنا أن نُطلق على عبدالعزيز البابطين الشاعر المفكر».

الجلسة الرابعة

فيما تناولت الجلسة الرابعة والأخيرة في سلسلة الجلسات، بالبحث موضوع «الحوار مع الآخر في مشروع عبدالعزيز البابطين الثقافي»، واستحضر فيها د. محمد الرميحي من الكويت «شخصية الشاعر عبدالعزيز البابطين المتعددة الزوايا والاهتمامات، والذي أعطى وطنه وإقليمه وعروبته وإسلامه الكثير مما لا يستطيع أحد أن يسطّره».

الرميحي: جهود البابطين في موضوع الحوار مع الآخر تستحق أن تُدَّرس

وأكد الرميحي أن جهود البابطين في موضوع الحوار مع الآخر تستحق أن تُدَّرس.

بينما تناولت د. منى المالكي من السعودية «الاستثمار الثقافي في تجربة عبدالعزيز سعود البابطين». واستعرضت أبرز ملامح الاستثمار الثقافي في حياة الشاعر الراحل، منها: إنشاء مؤسسة البابطين الثقافية، لدعم الثقافة العربية بشكل عام والشعر العربي بشكل خاص، للشعراء والنقاد البارزين، من خلال جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري، تحفيزاً لهم على الاستمرار في الأعمال الأدبية.

الأمسية الشعرية

وشهدت الأمسية الشعرية الثانية مشاركة نخبة من الشعراء العرب، الذين ألقوا قصائد تنوعت بين الرثاء والغزل والنداءات والرسائل الإنسانية، وسط تفاعل كبير من الحضور.

وشارك في الأمسية الشعراء: أحمد شلبي من مصر، وجاسر البزور من الأردن، وخالد الحسن من العراق، وروضة الحاج من السودان، وسمية محنش من الجزائر، ود. فالح بن طفلة من الكويت، ومحمد الجلواح من السعودية، ونبيلة حماني من المغرب، وهبة الفقي من مصر، وأدارها د. عبدالله السرحان من الكويت.



وتميزت القصائد بأجواء مؤثرة، وحلَّقت في فضاء الغزل، وشاعرية الأماكن، ومخاطبة الإنسانية، وملامسة القلوب.

وقدَّم الشاعر شلبي قصيدتين؛ الأولى بعنوان «الريح لا تأتي بهند»، والأخرى بعنوان «العابر». وأبدع الشاعر البزور بمفردات الشعر واللغة بثلاث قصائد؛ الأولى بعنوان «لأحياء على صفحة الموتى»، والثانية بعنوان «مجازات مقطرة»، أما الثالثة فكانت بعنوان «موعد في الغيب».

وجاء دور الشاعر الجلواح، الذي أسر الإحساس والقلوب بأكثر من مرثية للشاعر الراحل عبدالعزيز البابطين، الذي بقيت صورته في القلوب، ومن أجواء مرثية بعنوان «سؤال الأحبة المذهل»: تُخاطبُـني (المَعاجِـمُ)، والقَـوافي، ويَـنْحَبُ شاعِـرٌ حُـزْناً، وفَـقْـداً، وتَسألُـني الحروفُ، وقد تداعَـتْ، أيرجِعُ مَـنْ بنى للشِّـعْـرِ مَجْـداً؟، وأسفارٌ حَـوَتْ أدَبـاً، وعِـلماً، وأيامٌ قَـضتْ بِـرّاً، وجُهْـداً.

بكائية لفارس عربي أصيل

وأسر شاعر الإحساس والكلمة د. فالح بن طفلة القلوب بمرثية أخرى في الشاعر الراحل بعنوان «بكائية لفارسٍ عربي أصيل» أهداها لروحه، مُخاطباً فيها نجله رئيس مجلس أمناء المؤسسة سعود البابطين بدعاء، ومن أجوائها: عبدالعزيز البابطينِ بكَتْ له، عينُ الكويت بمدمعٍ هتانِ، والشرق والغربُ استبدَّ به الأسى، فنعى سليل المجد من قحطانِ، من كان للضاد الفصيحة حارساً، يحمي حماها من يد العدوانِ.

ونثرت الشاعرة محنش من الجزائر عطرية أنثوية خاصة حفلت بمفردات تحمل عبقاً شعرياً في قصيدتها (أسئلة في العشق).

أما الشاعرة حماني من المغرب، فبدأت بلغة إنسانية من خلال قصيدة «أحرار كالأسود»، وأخذت الحضور لملامسة أوضاع غزة وأطفالها.

وتألقت الشاعرة الفقي من مصر بجمال الكلمة، من خلال قصيدتها (ســـيرَةٌ لِغُصــونِ الـرّوح).

دور رائد

وعلى هامش الأمسية، أكد الشاعر د. فالح بن طفلة أن «مؤسسة البابطين لها دور رائد على مستوى الكويت والوطن العربي والعالم أجمع، من خلال ما تقدمه من دورات مميزة، وما تخدم به الشعراء عن طريق المنابر التي تقدمها في المهرجانات، وجميع الشعراء تقريباً وأصحاب الأسماء البارزة والتجارب المميزة استفادوا من هذه المؤسسة. كذلك يُحسب للمؤسسة معجم البابطين، هذه الموسوعة العظيمة التي تضم الشعراء في العصر الحالي والعصور السابقة، وهذا إنجاز عظيم تفخر به الكويت».

من جانبها، أعربت الشاعرة هبة الفقي عن سعادتها بالمشاركة، لافتة إلى أن الدور الذي تقدمه المؤسسة كبير جداً، وانتشر عبر الخريطة الثقافية في الوطن العربي في كل زمان ومكان.

وأكدت أن الشعر لا يزال له موقعه في وجدان المجتمع، وسيظل حاضنا لكل محبيه، فهو ديوان العرب.

 

المصدر: الجريدة
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments