عبدالعزيز البابطين… رمز العطاء الثقافي والإنساني

أقامت جمعية الأدب والأدباء ومركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة ندوة عن فقيد الثقافة والأدب عبدالعزيز سعود البابطين، بعنوان «عبدالعزيز البابطين… رمز العطاء الثقافي والإنساني».

وشارك في الندوة من السعودية كل من وزير الإعلام السعودي الأسبق، د. عبدالعزيز خوجة، وعضو مجلس الشورى سابقاً محمد نصرالله، ورئيس قسم الأدب بجامعة الإمام محمد بن سعود، د. فواز اللعبون، وأدار الندوة المندوب الدائم للمملكة في «يونسكو» سابقاً، د. زياد الدريس.

قدّم الأمسية ماجد البابطين، الذي استعرض مآثر الراحل عبدالعزيز بن سعود البابطين، «حيث كانت له مناقب كثيرة وأيادٍ بيضاء وبصمات خالدة عبرت القارات في ميادين المعرفة والتعليم والثقافة والشعر والأدب والإنسانية»، واصفاً رحيله بأنه موجع ليس للوطن العربي فحسب، بل للعالم أجمع، تلاه عرض لتقرير وثائقي عن حياة الراحل.

قوة ثقافية عربية

وأشار الدريس إلى عنوان مقال للدكتور أحمد العساف، قرأه في إحدى الصحف السعودية يصف عبدالعزيز البابطين بالقوة الكويتية الناعمة، لافتاً إلى أن الكويت كانت تُعرف بمهارة صُنع القوة الناعمة ثقافياً وإعلامياً منذ عقود، لكنّ البابطين ليس قوة كويتية فقط، بل هو قوة عربية ناعمة.

وذكر الدريس اللقاء الأهم، عندما زار الراحل منظمة يونسكو في أكتوبر 2006، حين أصبح الدريس مندوباً دائماً للمملكة، ورأى كيف احتفت المنظمة بقدوم عبدالعزيز البابطين لتقديم دورة أحمد شوقي لامارتين، واستطرد بأن «يونسكو» بغاية الفرح والابتهاج بالبابطين، لأنه كان يمثّل نموذجاً فريداً ناصعاً لن يتكرر في الثقافة.

«وزارة ثقافة» في كيان إنسان

وبعنوان «عبدالعزيز البابطين وزارة ثقافة في كيان إنسان»، قال د. عبدالعزيز خوجة: البابطين أفنى حياته كلها لرفع راية الثقافة والأدب والشعر وتعزيز قيمة اللغة العربية.

وأضاف: في هذه الندوة التي تحفّها أجنحة الثقافة والأدب، ويحومُ علينا طيف الراحل البابطين بابتسامته الودودة ووجهه السمح، مبتهجاً وهو يسمع من وراء الغيب ألسنة الحاضرين تُردد «لا تخشى ضيعة ما تركت لنا، فالوارثون لما تركته كثير»، فتطمئن روحه أن ما مضى من عمره حباً باللغة العربية وعشقه لشعر مستمر بفضل محبيه، فما كان الإخلاص بذرته والشغف تربته والحب سقياه سينبت وتفتح أوراقه وتنضج ثماره.

وتابع خوجة قائلاً، إنه تربطه صداقة بالراحل بُنيت على التقدير المتبادل وجمعتهم لقاءات، كما تشرّف في السنة الماضية بحصوله على جائزة المؤسسة التكريمية.

رأس المال الثقافي بين بورديو والبابطين

وتحدث رضاء نصرالله عن «رأس المال الثقافي بين بيير بورديو والبابطين» فقال: من هنا تكمن أهمية مقدمة عبدالعزيز البابطين من دعم للتعليم والثقافة والإبداع الشعري قياساً لنظرائه من أثرياء العرب الخيرين، أمثال رجل الأعمال السعودي عبدالمقصود خوجة، والإماراتي سلطان العويس، والكويتية د. سعاد الصباح، عبر مجالسهم ومطبوعاتهم الثقافية هؤلاء هم من يشملهم مصطلح رأس المال الثقافي الذي سلكهُ عالم الاجتماع والمنظر الثقافي الفرنسي بيير بورديو، بوصف رأس المال الثقافي بأنه رأسمال رمزي يحصل عليه الأفراد والنخب الثقافية أو المؤسسات، وهو مجموع القدرات والمواهب المميزة.

وأضاف نصرالله: من هنا تكمن أهمية ما قدّمه عبدالعزيز البابطين من دعم للتعليم والثقافة والإبداع الشعري، قياساً بنظرائه من أثرياء العرب الخيِّرين، أمثال خوجة، والعويس، ود. سعاد الصباح، والفلسطينيين عبدالمحسن القطان، وعبدالحميد شومان، عبر مجالسهم، ومطبوعاتهم الثقافية، وجوائزهم العلمية والأدبية.

ورأى أن هؤلاء هم من يشملهم مصطلح «رأس المال الثقافي»، الذي صكّه بورديو على أنه «رأسمال رمزي» يحصل عليه الأفراد والنخب الثقافية أو المؤسسات، وهو مجموع القدرات والمواهب المتميزة للحائزين عليها من الأثرياء، بتفوقهم وحضورهم، ومكانتهم الاجتماعية داخل الحقل الثقافي.

الشاعر والإنسان

من جانبه، تحدث د. فواز اللعبون بعنوان «عبدالعزيز البابطين الشاعر والإنسان»، قائلا: هذا الرجل طالما غمرني بنبلهِ وتحفيزه وأنا طالب على مقاعد الدراسة، كان يدعوني إلى الكثير من الملتقيات الدولية ويفتح لي الآفاق ويعرفني بالأدباء والمثقفين ويحتويني احتواء الأب لابنه.

وتابع اللعبون أن البابطين أحب وطنه الكبير وأحب ثقافته العربية ولغتهُ، وأحب الأدب العربي قديمه وحديثه.

76500 إصدار لمئات الشعراء والنقاد والباحثين

وأشار د. محمد أبو شوارب، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه – نظراً لظروفه – أستاذ الأدب والنقد جامعة الإمام، د. عبدالله الحيدري، بعنوان «العروبة في مشروع عبدالعزيز البابطين الثقافي إلى أرقام ودلالات»، قائلاً: ليس من شك في حديث عن جوانب إسهامات ذلك الرجل الفذ نادر المثال الذي نستضيء اليوم بسيرته الساطعه ومسيرته الناصعة نحتاجُ إلى ساعات طِوال»، مركّزاً على «تلك النزعة العربية الخالصة المخلصة التي تميز بها الراحل الذي تعلقت نفسهُ في شعره منذ صباه الباكر، وكان أول ما عرف منهُ فن النبط، لكن قوة الهوية العربية تجذبهُ إلى الشعر الفصيح ديوان العرب وفنهم الأول، فأفنى حياته في إبداعه وخدمته، وقدّم له ما لا يقدمُه أحد على مر العصور، كإقامة مؤسسة رائدة في اختصاصها بالشعر العربي، حينما أنشأ مؤسسة جائزة عبدالعزيز بن سعود البابطين للإبداع الشعري قبل 35 عاماً، لتصبح هذه المؤسسة نقطة تحوّل فاصلة في مسيرة الشعر المعاصرة، من خلال ما قدمته المؤسسة على مدى 18 دورة لتوزيع جوائزها التي ظفر بها 91 شاعراً وناقداً من مختلف أرجاء الوطن العربي.

وصرح الحيدري بأنه من خلال ما شهدته دورات توزيع هذه الجوائز من ندوات ومهرجانات شعرية شارك فيها مئات الشعراء والنقاد والباحثين والإعلاميين، وما صاحب تلك الدورات من إصدارات مع غيرها من إصدارات المؤسسة بلغ مجموعها 76500 إصدار شعري، وأدبي، ونقدي، وثقافي.

وفي الختام تم توزيع الدروع التذكارية للمتحدثين، وتناول وجبة العشاء.

 

المصدر: الجريدة
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments