قدمتها فرقة “الطائف” على مسرح المتحف الوطني
مفرح حجاب
عرضت فرقة الطائف السعودية، مسرحية “ساكن متحرك”، ضمن فعاليات الدورة السابعة من مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، بمسرح المتحف الوطني، وسط حضور جماهيري كبير، العرض المسرحي من تأليف الكاتب فهد ردة الحارثي، إخراج أحمد الأحمري، وتمثيل بدر الغامدي.
“ساكن متحرك” عمل اختزل عنوانه في تفاصيله، فهو يتحدث عن ممثل مهمش في عرض مسرحي حاول الكاتب والمخرج تفصيل العرض لصالح البطلة على حساب هذا الممثل، الذي عانى الكثير من أجل اثبات نفسه وقدراته الفنية، ولم يسعفه الحظ بسبب زميلته الممثلة التي تتحكم في كل شيء.
ظهرت دلالة القضية التي يتناولها العرض المسرحي في المشهد الأول عبر أغنية “مضناك جفاه مرقده” لأمير الشعراء أحمد شوقي، والمعاناة التي جسدها الممثل والتراكمات النفسية التي بررها على الخشبة كشفت حجم أزمته وكذلك صدقه، ونجح في ان يجعل الجمهور جزءا من هذه المعاناة عبر الدلالات والتأويلات، التي شخصها في كل مفردات النص وأدائه، فالقضية في العمل هي قضية ممثل يواجه مشكلة من أجل الحصول على فرصة، لكنه وجد كل شيء موظفا ضد أحلامه.
تفوق الممثل بدر الغامدي، على نفسه ونجح في التزام الخطوط التي رسمها المخرج أحمد الأحمري، في التلوين والأداء والتحرك في جنبات المسرح ليعبر عن قضيته التي يراها عادلة تماما، ونجح في كسب تعاطف القاعة بالكامل مع قضيته، وكان المخرج ذكيا حين امتلك زمام الأمور وحاول ألا يخرج العرض عن النطاق المسرحي دون انفعالات مبالغ فيها، لأن قضية الممثل كانت اشبه بالأزمة النفسية وحالة من الاضطهاد، ومع الأحداث كان هذا الممثل اشبه بالآلة في مسيرة وأحداث العرض لكنه في النهاية يتمرد على هذا الوضع ويثور على كل شيء حوله ليعلن عن نفسه بوضوح.
الكاتب فهد ردة الحارثي من المؤلفين الذين يتمتعون بنضج كبير في تناوله قضايا العرض المسرحي، ورغم ان مسرح المونودراما يعتمد على جهد الممثل الواحد الا انه أوجد حالة من التناغم في مفردات العرض وصاغ دراما مشوقة فيها الكثير من الشغف الذي يثير المتلقي وهي موهبة لا يتمتع بها كل كُتاب المسرح، الأمر المهم ان حكاية العرض المسرحي فيها اسقاط واضح على الكثير من القضايا اليومية والأحداث التي تدور من حولنا، ليؤكد ان العرض يحمل رسالة مهمة في تأويل ودلالات سيخرج منها كل متلقي بما يراه.
بينما حول المخرج الأحمري، العرض الى حالة انسانية وكشف عن باطن الكثير من المشاكل التي تحدث في الساحة الفنية دون ان يعرف عنها الجمهور الكثير، واستطاع توظيف قدرات الممثل ليكون اكثر تأثيرا في الحضور، وذهب مباشرة ليقول كلمته بشكل مسرحي متوازن مستغلا كل ما هو على المسرح، ليؤكد انه مخرج واع تماما قرأ كل مفردات النص المسرحي قبل الشروع في تقديمه.
يبقى جمال فن المونودراما في تشخيص الحكاية بإيقاع فيه الكثير من “اللايت كوميدي”، ملح العروض والذي جعل قاعة المسرح تعيش حالة من التفاؤل مع استمرار تميز عروض هذه الدورة من مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، والذي يحظى بحضور جماهيري كبير وكأن الجمهور متعطش للمهرجانات المسرحية.