تمكن فريق من العلماء من فك رموز مخطوطة متفحمة دُفنت عندما ثار بركان جبل فيزوف عام 79 م، بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
وتم تحقيق هذا الإنجاز من قبل طلاب في مسابقة “تحدي فيزوف” التي استخدمت فيها الخوارزميات لمسح القطعة الأثرية التي كان من الممكن أن يتم تدميرها إذا تم تفكيكها بواسطة الأيدي البشرية.
واحترقت المئات من مخطوطات البردي الموجودة في مكتبة فيلا رومانية فاخرة في هيركولانيوم عندما دمرت مدينة بومبي بسبب ثوران البركان.
وعثرت الحفريات في القرن الثامن عشر على أكثر من 1000 مخطوطة كاملة أو جزئية من الفيلا، يُعتقد أنها مملوكة لوالد زوجة يوليوس قيصر، لكن الحبر الأسود لم يكن قابلا للقراءة على أوراق البردي المتفحمة، وتفتت المخطوطات إلى قطع عندما حاول العلماء فتحها واكتشافها.
ويوم الاثنين الماضي، أعلن نات فريدمان، المستثمر الأمريكي في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة والراعي المؤسس لمسابقة “تحدي فيزوف” التي تبلغ قيمتها مليون دولار (وهي مسابقة أطلقها في عام 2023 برنت سيلز، عالم الكمبيوتر في جامعة كنتاكي، ومؤيدو وادي السيليكون)، أن فريقا من ثلاثة طلاب بارعين في استخدام الكمبيوتر، وهم يوسف نادر من ألمانيا، ولوك فاريتور من الولايات المتحدة، وجوليان شيليجر من سويسرا، فازوا بمبلغ 700 ألف دولار في الجائزة الكبرى، بعد قراءة أكثر من 2000 حرف يوناني من المخطوطة.
وقد اندهش علماء البرديات الذين درسوا النص المسترد من المخطوطة السوداء من هذا العمل الفذ.
وفي أكتوبر، فاز فاريتور بجائزة “الحروف الأولى” البالغة 40 ألف دولار أمريكي عندما حدد الكلمة اليونانية القديمة التي تعني “أرجواني” في المخطوطة. وقد تعاون مع نادر في نوفمبر، ومع شيليجر، الذي طور خوارزمية لفك صور الأشعة المقطعية تلقائيا، وانضم إليهما قبل أيام من الموعد النهائي للمسابقة، في 31 ديسمبر. وقد قرأوا معا أكثر من 2000 حرف من المخطوطة، ما أعطى العلماء أول فكرة حقيقية عن محتوياتها.
ويتمحور الموضوع العام للنص حول مصادر المتعة. ويعتقد أن مؤلف النص اليوناني القديم هو فيلوديموس، وهو فيلسوف عاش في الفيلا التي تم العثور على المخطوطة فيها.
وفي مقتطفين من عمودين متتاليين من المخطوطة، أعرب المؤلف عن قلقه بشأن ما إذا كان توفر السلع، مثل الطعام، يمكن أن يؤثر على المتعة التي يقدمها وكيفية ذلك.
وقال روبرت فاولر، أستاذ اللغة اليونانية الفخري بجامعة بريستول ورئيس جمعية هيركولانيوم: “أعتقد أنه يطرح السؤال: ما هو مصدر المتعة؟ هل هو العنصر المهيمن، أم هو العنصر النادر، أم هو المزيج نفسه؟”.
وفي القسم الختامي من النص، قدم المؤلف ملاحظات لاذعة وانتقادية على خصومه الفلاسفة قبل الانصراف، لأنه ليس لديهم ما يقولونه عن المتعة، سواء بشكل عام أو بشكل خاص، عندما يتعلق الأمر بمسألة التعريف.
وأمضى سيلز وفريقه البحثي سنوات في تطوير خوارزميات لفك رموز المخطوطات رقمياً.
وبعيداً عن مئات مخطوطات هركولانيوم التي تنتظر القراءة، فقد يكون هناك الكثير منها مدفونا في الفيلا إلى الآن، ما يستدعي إجراء حفريات جديدة.
وقال فاولر: إن المرحلة التالية من المسابقة ستحاول قراءة 85% من المخطوطة ووضع الأسس لقراءة كل ما تم التنقيب عنه بالفعل. مضيفاً أنه يمكن تطبيق نفس التقنية على ورق البردي في مصر القديمة، بدءا من الرسائل وسندات الملكية وحتى إيصالات الضرائب، ما يسلط الضوء على حياة المصريين القدماء العاديين.