أطلقت جائحة فيروس كورونا المستجد في العام 2020 صافرات الإنذار في دول العالم كافة، محذرة من عجز كبير في الطواقم الطبية، التي طالما سهرت على راحة المرضى، في المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية.
وبحكمة حكومية سريعة، تعاملت الكويت مع الموقف، وقد أدركت أهمية تعزيز سوق العمل المحلي بالكوادر الوطنية القادرة على سد العجز، حيث أقرت البدلات المالية لشاغلي عمل التمريض، بما يتناسب ومشاق هذه المهنة السامية، الأمر الذي دفع الطلبة الكويتيين للإقبال على المهنة، ولتقفز نسبتهم في دراسة التمريض إلى 60 في المئة.
ومع الآلية السريعة لديوان الخدمة المدنية، في توظيف مخرجات كلية التمريض بشكل فوري، تضاعفت أعداد الشباب الراغبين في الرداء الأبيض، من الجنسين على حد سواء، حيث تستقبل كلية التمريض سنوياً نحو 500 طالب وطالبة، بزيادة 200 طالب وطالبة عن السنوات الماضية، في ظل الإقبال المتزايد للطلبة الكويتيين الذكور على دراسة التمريض بنسبة 50 إلى 55 في المئة.
«الراي» التي حضرت حفل تخريج دفعة جديدة من الممرضين في كلية التمريض، الذي نظم أخيراً، استقصت إقبال الشباب الكويتي على المهنة ودراستها، والتقت مسؤولين وخريجين.
«مع توسعة المباني سنخفّض نسب القبول»
الفجام: قريباً… أساتذة إضافيون للتوسع باستيعاب الطلبة
كشف مدير الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور حسن الفجام، عن إعلانات ستقوم بها الهيئة قريباً لتعيين أساتذة إضافيين في كلية التمريض، والتوسع بآلية قبول الطلبة والطالبات.
وقال الفجام في تصريح لـ«الراي» إنه «مع التوسعة الجديدة وإنشاء المباني الإضافية في كلية التمريض، سنخفّض نسب القبول للطلاب والطالبات وفقاً للطاقة الاستيعابية للكلية».
«فيها 1880 طالباً وطالبة… والبنات أكثر من الشباب»
بدر الودعاني: نشهد إقبالاً ملحوظاً من الشباب الكويتي على الكلية
أكد مساعد العميد للشؤون الطلابية رئيس قسم دبلوم التمريض العام في كلية التمريض الدكتور بدر الودعاني، أنه بعد إقرار كادر التمريض عام 2021، شهدت كلية إقبالاً متزايداً من الطلبة الكويتيين حيث استقبلت في العام الماضي نحو 500 طالب وطالبة بزيادة نحو 180 إلى 200 طالب وطالبة عن السنوات السابقة.
وقال الودعاني لـ«الراي» إن الغالبية العظمى من الطلبة كويتيون، وقد زادت نسبة إقبال الذكور منهم على دراسة التمريض بنحو 50 إلى 55 في المئة، مشيراً إلى أن «عدد الطلبة المقيدين في الكلية يبلغ 1880 طالباً وطالبة، وإقبال البنات أكبر على دراسة التخصص».
وأوضح أن «معظم الطلبة الذكور في السنوات الماضية كانوا من الوافدين من طلبة البعثات والمنح وأبناء السلك الدبلوماسي. أما الآن فإن النسبة الأكبر كويتيون حيث تستقبلهم الكلية في برامج الدبلوم العام (كويتيين-وافدين) وبرامج البكالوريوس (كويتيين –أبناء كويتيات)».
وبين أنه «لا معوقات في قبول الطلبة الكويتيين خاصة بعد إقرار الكادر، ومع آلية التوظيف السريعة لديوان الخدمة المدنية، بتوافر الدرجات الوظيفية لهم وتوظيفهم يتم بشكل فوري بمجرد الحصول على الشهادة». وكشف عن «تعاون مستمر مع وزارة الصحة، ومع لجان سوق العمل، حيث نقدم للسوق نحو 200 إلى 300 ممرض سنوياً من الكويتيين والوافدين، ومع ذلك يبقى هذا العدد قليلاً مقارنة بالاحتياج المحلي»، لافتاً إلى وجود 20 ألف ممرض في مراكز ومستشفيات وزارة الصحة لكن نسبة الكويتيين منهم لا تتجاوز 5 في المئة فقط.
واختتم الودعاني بأن كلية التمريض تنظم زيارات سنوية للمدارس الثانوية، لحث الطلبة على دراسة التمريض، والإقبال على دراسة التخصصات الطبية، مؤكداً أنه «لا معوقات في دراسة هذه التخصصات التي تسهم في توفير العناصر الوطنية وفي تلبية احتياجات سوق العمل».
إيمان العوضي: نحتاج إلى أكثر من كلية… مع إقبال الشباب الكبير
نوّهت مديرة إدارة الخدمات التمريضية في وزارة الصحة الدكتورة إيمان العوضي لـ«الراي» بوجود إقبال كبير من قبل الطلبة والطالبات على مهنة التمريض بعد زيادة البدلات المالية المخصصة لشاغلي هذه المهنة، ولا سيما الطلبة الذكور مقارنة بالسنوات الماضية.
وأوضحت العوضي أن «نسبة إقبال الطالبات أكبر، وذلك يدفعنا نحو التفكير في ضرورة افتتاح كليات تمريض أكثر لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة والطالبات». وأكدت أن وزارة الصحة تقوم بين الحين والآخر بافتتاحات جديدة وتوسعات كبيرة، لذلك نحتاج إلى كليات أخرى للتمريض، لتقوم مع جامعة الكويت بتأهيل العناصر الوطنية لسوق العمل»، مرجحة أنه «مع افتتاح عدد من الكليات وطرح برامج متخصصة بعد البكالوريوس، يرفع ذلك من نسبة الكوادر الوطنية في السوق المحلي، وإن كان لا يغطيها بنسبة 100 في المئة».
«قادرون على سد العجز من الكوادر الوطنية»
عيد المطيري: أولياء أمور يتصلون بنا للاستفسار عن آلية التسجيل والقبول
أكد أمين سر جمعية التمريض، مساعد رئيس الهيئة التمريضية في مستشفى جابر، عيد المطيري أن «كلية التمريض في الكويت قادرة على سد العجز في المستشفيات والمراكز الصحية من خلال الكوادر الوطنية، شريطة فتح فصول إضافية وتعزيز كلية التمريض بعدد أكبر من الأساتذة لقبول أكبر عدد ممكن من الطلبة والطالبات».
وقال المطيري لـ«الراي» إن «مهنة التمريض أصبحت جاذبة للطلبة الكويتيين في السنتين الأخيرتين بعد إقرار الكادر، حيث ترد إلينا كثير من الاتصالات من قبل أولياء الأمور في شأن آلية التسجيل والقبول». وبين أن «عدد المقيدين الآن في دراسة التمريض يتجاووز 1500 طالب وطالبة، بنسبة 80 إلى 20 في المئة بين الإناث والذكور»، مؤكداً أن «قلة الفصول والأساتذة دعت كلية التمريض إلى قبول الطلبة الأعلى نسبة وعادة ما تكون من 85 في المئة فما فوق».
وأكد أن «الإقبال الآن كبير على دراسة التمريض، ويجب زيادة عدد الفصول الدراسية وتعزيز الكليات بالعدد اللازم من أعضاء هيئة التدريس لتخفيف الإجراءات المشددة في عملية القبول والتسجيل».
«أصبح عدد الكويتيين يتفوق على الوافدين في الكلية»
بدر الهدة: مبانٍ جديدة لاستيعاب الإقبال المتزايد على دراسة التمريض
كشف المدير الإداري والمالي في كلية التمريض بدر سالم الهدة لـ«الراي» عن «إنشاء مبانٍ جديدة في مجمع الشويخ التعليمي، لاستيعاب أعداد الطلبة المتزايدة على دراسة التمريض»، مبيناً أن «هذه المباني قيد الإنشاء حالياً وسيتم افتتاحها قريباً».
وبين الهدة أن «نسبة إقبال الطلبة الكويتيين على دراسة التمريض، قفزت إلى نحو 60 في المئة بعد إقرار الكادر، حيث بدأ إقبال الكوادر الوطنية على دراسة هذه التخصصات بشكل ملحوظ، وبنسبة أكبر من الوافدين على غير العادة في السنوات الماضية، حيث كنا نستقبل العدد الأكبر من أبناء الكويتيات والجاليات الأخرى من طلبة البعثات والسفارات».
وأوضح أن «إقرار الكادر لشاغلي مهنة التمريض جعل رواتب العاملين فيها مجزية، وجعل الإقبال عليها بشكل أكبر من الطلبة والطالبات. وقيمة الكادر تختلف بين العاملين في المستوصف والمستشفى والعيادة الخارجية والعناية المركزة. وتبلغ أعلى قيمة لها للعاملين في الطب النفسي».
وكشف عن تعاون مع وزارة التربية لتفعيل العيادات المدرسية، وتوفير العدد المناسب لها من الممرضين والممرضات في برنامج الصحة المدرسية (التمريض المدرسي) من خلال توفير ممرض أو ممرضين في كل مدرسة، مؤكداً أنه بعد جائحة كورونا تبين العجز القائم في شاغلي هذه المهنة في مختلف دول العالم.
التمريض بعيون الطلبة: رغبة متاحة… وطموح منذ الصغر
تحدث بعض الطلبة الخريجين في كلية التمريض عن تجاربهم في الإقبال على دراسة هذا التخصص، حيث تباينت آراؤهم بين أنه كان طموحاً منذ الصغر في الالتحاق بالعمل الإنساني، أو أنه كان الرغبة المتاحة، مؤكدين سهولة دراسة التمريض لولا بعض الصعوبة في اللغة الإنكليزية.
وقال الطالب محمد يسر إنه وضع عينه منذ تخرجه في الثانوية العامة على التخصصات الطبية، لأنها أمل المستقبل، وفرصة التوظيف فيها أوفر في جميع دول العالم، مؤكداً أن «دراسة التمريض في البداية كانت صعبة بسبب كثرة الحفظ في اللغة الإنكليزية، لكن بعد ذلك سارت الأمور بشكل سلس دون معوقات».
وبين الطالب فهد محمد أن التمريض كان الرغبة المتاحة لديه، لذلك اضطر إلى الالتحاق بالكلية، مؤكداً رغبته في العمل بإحدى المستشفيات الحكومية لاكتساب الخبرة.
وكان للطالبة الخريجة شريفة جابر موقف خاص مع دراسة التمريض، حيث أكدت لـ«الراي» أنها أصيبت بمرض لا يزال يلازمها، وقد رأت كيف تفيض هذه المهنة بالعمل الإنساني الراقي، لذلك قررت أن تلتحق بكلية التمريض وأن تنتسب إلى الجيش الأبيض وملائكة الرحمة.
وأكدت شريفة أنها لم تفكر أبداً بموضوع الكادر وإنما هي رغبة داخلية للعمل في المستشفيات والسهر على راحة المرضى، فيما وافقتها الرأي زميلتها لانا الشرف، مؤكدة أنها «مهنة إنسانية وكنت أحلم بها منذ الصغر، رغم أنها متعبة».